ارتبط اسم حسين المناصرة بمتابعاته لما يصدر في حقل الرواية السعودية، إذ قدم فيه إسهاماً جيداً لناحية الإحاطة الشاملة، وكذلك التركيز على البؤر الحداثية التي تشع من هذه الروايات. ولعل إسهامه النقدي يضيء في شكل واضح، وإلى جانب جهود نقدية آخرى محلية وعربية، اللحظات المهمة في الرواية السعودية، التي هي آخذة في الانتشار... هنا حوار معه. بداية ومن خلال متابعاتك للحركة السردية، خصوصاً الرواية في السعودية، كيف تقوِّم ما صدر ويصدر في هذا الحقل؟ - عند الحديث عن المشهد السردي في السعودية، لا بد من أن نحصر السرد في القصة القصيرة والرواية على وجه التحديد. وفي تصوري، كانت القصة القصيرة ملكة مملكة السرد ما بين الستينات والثمانينات الميلادية. فكان الإقبال على كتابتها لافتاً، لما تمتلكه من تكثيف وتجريد وحكي وتجريب، فوجدت تجارب قصصية متنوعة، وذات مستويات في الرؤى والجماليات، وفيها تفاوت بين القاصين فنياً. بعد ذلك، أي في بداية التسعينات مالت القصة القصيرة إلى أن تكون أكثر شاعرية وتكثيفاً في سياق ما سمي"القصة القصيرة جداً"، بصفتها الفن السردي المكثف شعرياً، والذي لا يزال ينقصه كثير من الدراسات النقدية تنظيراً وتطبيقاً. ولعلّ أهم ما ميز التسعينات إلى اليوم، هو ميلاد الرواية العربية السعودية كماً ونوعاً، إذ غدا بإمكاننا في هذه الفترة دون غيرها، أن نتحدث عن رواية محلية، كانت شبه غائبة في الماضي، باستثناء بعض النماذج القليلة. وقد لعبت المتغيرات الاجتماعية والثقافية دوراً فاعلاً في إنتاج رواية، غدت مثار اهتمام النقاد والدارسين محلياً وعربياً. على أية حال، يصعب أن يقوّم أي دارس واقع الحركة السردية المحلية،لأسباب كثيرة أهمها: أنه لا توجد دراسات نقدية شاملة، قرأت التجربة السردية انطلاقاً من النصوص، لأن غالبية الدراسات اعتمدت على مقولات صحافية تاريخية أو معيارية، ما غيّب الدراسات النقدية الشاملة، خصوصاً أن الكثير من الرؤى النقدية انطلقت من النقد الصحافي، الذي يمكن تصوره في أحيان كثيرة - للأسف - شللياً بطريقة أو بأخرى! إذاً المشهد السردي المحلي الآن غني بالنصوص في سياقي القصة القصيرة والرواية، والكرة في ملعب النقاد والدارسين المعنيين بالتغلغل داخل هذه النصوص لإنتاجها في دراسات نقدية، تكشف عن فاعلية الحركة السردية في المشهد الثقافي المحلي. يفترض أن تصدر بعض قراءاتك النقدية عن الرواية والقصة في السعودية في أكثر من كتاب... ما الجديد في هذا الأمر؟ - لدي مجموعة من الدراسات النقدية التي نشرت في الصحافة العربية، وقد أعددتها أخيراً لإصدارها في كتب، لكن ظروف النشر - كما تبدو- مليئة بالعوائق، ربما بسبب عزوف المتلقين عن قراءة الكتب الجادة، أو شيوع ظاهرة النشر الإلكتروني. ولا أخفيك أن لدي بخصوص الدراسات النقدية المحلية كتابين معدين للنشر، أحدهما عن ذاكرة رواية التسعينيات، والآخر قراءات نقدية في القصة القصيرة. الناقد المقيم أفضل من المحلي كيف ترى تعامل النقاد والأدباء العرب المقيمين في السعودية، مع النشاط الأدبي والثقافي والنقدي للسعوديين؟ - يصعب الحديث عن نقاد محليين أو عرب في سياق تقسيم النقد، كما حدث في بعض الدراسات. والمشكلة أحياناً أن غاية هذا التقسيم في تصور بعضهم تكون من أجل تهميش نقد النقاد المقيمين، في سياق محاكمة المشهد النقدي في السعودية. من جهتي لا أعتقد بأنّ مثل هذا التقسيم ينطلق من رؤية صحيحة أو حكيمة، لأن الأدب موجود على قارعة الطريق، والكل بإمكانه إذا امتلك الأدوات النقدية أن ينتقد في أي تصور يشاء. ومن هنا يمكن أن تجد النقد الموضوعي أو النقد الشللي محلياً وعربياً. وأي نقاد هم في المحصلة مجموعة علاقات ورؤى. لذلك أعدّ نفسي من الناحية الشخصية ممن ابتعدوا من نقد كتابات الأصدقاء، حتى لا يكون هناك ما يشعر بالمجاملة أو بالشللية! لكنني، على أية حال، أتصور أن هناك مجموعة من النقاد العرب ? بغض النظر عن الأسماء - أسهموا في نقد الأدب المحلي أفضل بكثير مما قام به النقاد المحليون! الكتابة النسائية في السعودية، كيف تراها؟ - استطاعت الساردة السعودية - لأنني معني بالسرد تحديداً - أن تحظى بموقع سردي خاص، ظهرت فيه قصتها وروايتها، وصار بالإمكان منذ الثمانينات إلى اليوم أن نتحدث عن قاصات وروائيات لهن كتابة سردية مبدعة، أو كتابة سردية تحمل هموماً نسوية على وجه التحديد. يمكن القول بأنني قرأت لمعظم القاصات أو الروائيات، لكني كتبت عن بعضهن، وتحديداً عن بعض السرديات النسوية في سياق الرؤية النسوية في الكتابة، انطلاقاً من تخصصي الأكاديمي في النقد النسوي.