بعد وصول كرة القدم السعودية ثلاث مرات على التوالي إلى كأس العالم أعوام 1994 و1998 و2002 اكتسبت سمعة عالمية وباتت تحتل الصدارة العربية والخليجية وتربعت على عرش القارة الآسيوية 3 مرات عندما أحرزت كأس الأمم الآسيوية في 1984 و1988 و1996 ولكن يتردد سؤال في الأوساط الرياضية: لماذا لا يوجد محترف سعودي في أوروبا؟ واجتهد كثير من الخبراء الرياضيين لإيجاد إجابات عن هذا السؤال، وتمحورت الإجابات على نقاط عدة، أبرزها أن الأندية السعودية ترفض التفريط في نجومها البارزين وتبذل جهوداً كبيرة لإغرائهم بالبقاء وصرف النظر عن أي عروض خارجية كما حدث مع نواف التمياط لاعب الهلال وأفضل لاعب آسيوي عام 2000 الذي بلغ ذروة النجومية في كأس آسيا قبل الأخيرة في لبنان وحصل على عرض للاحتراف في هولندا ولكن ناديه رفض العرض بداعي أن اللاعب سيحصل على عرض أفضل في كأس العالم 2002 ولكن المنتخب السعودي أخفق في هذه البطولة ونال خسارة تاريخية من ألمانيا صفر-8 ومن آيرلندا صفر-3 ومن الكاميرون صفر-1 وخرج صفر اليدين، لذلك انصرف السماسرة عن التعاقد مع أي لاعب سعودي، وعاد التمياط للعب في الدوري السعودي وأصيب إصابة بالغة أبعدته من الملاعب قرابة عامين. ومن العراقيل التي تحدّ من احتراف اللاعب السعودي خارجياً"اللاعب نفسه"فقد رصدت تقارير وتحقيقات كثيرة لخبراء في كرة القدم أن عقلية اللاعب السعودي لا تعرف المعنى الحقيقي للاحتراف، بدليل أن كثيراً من اللاعبين يرفض الاحتراف ويفضل اللعب هاوياً وتأمين مستقبله بوظيفة حكومية، أما اللاعب الذي يوافق على توقيع عقد احترافي مع ناديه فإنه لا ينظر إلا تحت قدميه فقط وليست له رؤية بعيدة المدى بمعنى أنه يحاول أن يستمر مع ناديه في مقابل مبلغ مالي مناسب، ولا يعرض نفسه على ناد منافس في مقابل الحصول على عرض مالي أكبر، كما يحدث في أوروبا لأن"أسطوانة"الانتماء ما زالت"تدغدغ"مشاعر بعض اللاعبين وتجيد بعض الأندية استعمالها للتأثير في اللاعبين. ولكن هذه التقارير أشارت إلى أن اللاعب الذي يجيد الترويج لنفسه ويفرضها بقوة محلياً ينال فرصة الاحتراف خارجياً مع الوضع في الاعتبار أن هذا اللاعب لديه طموح الاحتراف، وضربت مثالاً بقائد المنتخب السعودي وفريق الهلال سامي الجابر الذي احترف في نادي"ولفرهامبتون"الإنكليزي وعلى رغم أن التجربة كانت قصيرة ولم يقدر لها النجاح إلا أنها أثبتت قدرة اللاعب السعودي على تخطي حدود المحلية. وكان الغشيان لاعب الهلال والمنتخب السعودي السابق خاض تجربة لم تتعد ثلاثة أشهر في نادي الكمار الهولندي، لعب فؤاد أنور لاعب الشباب والنصر السابق في الصين إضافة إلى تجارب احترافية قصيرة للاعبين سعوديين في دول الخليج كان أطرفها لعب سامي الجابر مباراة واحدة في قطر وكانت نهائي إحدى البطولات وخسر الفريق الذي لعب له الجابر البطولة. وتطارد أندية خليجية خصوصاً في قطروالإمارات لاعبين سعوديين ولكن قوة الدوري السعودي مصدر جذب للاعبين الخليجيين وليست مصدر طرد بدليل احتراف نجوم عمان في دوري هذا العام. وعلى رغم الانتقادات الموجهة للاعب السعودي بضعف عقليته الاحترافية إلا أنه لا يمكن إغفال دور المسؤولين في الاتحاد السعودي لكرة القدم الذين لم يضعوا شروطاً أو نصوصاً واضحة في لوائح لجنة الاحتراف توضح للاعب كيفية الحصول على فرصة للاحتراف الخارجي، كما أن الاتحاد مطالب بفتح المجال أمام مكاتب التعاقدات العالمية لفتح فروع لها في السعودية كما فعلت الإماراتوقطر. وتخضع هذه المكاتب لرقابة من الاتحاد السعودي حتى لا يحدث أي تجاوزات في عقود اللاعبين ولكي يشعر اللاعب بالأمان وهو يوقع على عقد احترافي للعب خارج بلده. احتراف اللاعب السعودي خارجياً خصوصاً في أوروبا مطلب ملحّ لرفع شأن الكرة السعودية وزيادة تقدمها، فمنتخب مثل الكاميرون لا يوجد به لاعب يلعب في الدوري الكاميروني وكلهم محترفون في أندية عريقة في أوروبا كالهداف اللامع صامويل إيتو هداف فريق برشلونة والدوري الإسباني. ومنتخب كساحل العاج لديه دروغبا هداف تشلسي الإنكليزي، واليابان لديها ناكاتا، ومصر لديها ميدو، والمغرب لديها حجي، وتونس لديها سانتوس... والأمثلة كثيرة في قضية الاحتراف الشائكة. سعوديون مؤهلون للإحتراف في الجيل السعودي الحالي يوجد أكثر من لاعب يملك الإمكانات التي تساعده ليكون من أفضل اللاعبين في أعرق أندية أوروبا... مهاجم عبقري مثل ياسر القحطاني لديه الموهبة الفذة والإمكانات الهائلة، ولكن أين الفرصة؟ ياسر الذي صنع نجوميته منذ"خليجي 16"في الكويت وصار الهداف الأول للمنتخب السعودي ولفريق القادسية، لم يصرح خلال مئات الحوارات واللقاءات التي أجريت معه بأنه يريد الاحتراف في أوروبا، بل إن أقصى طموحه هو اللعب للهلال أو الاتحاد حيث الأضواء والمال. الحارس مبروك زايد حامي عرين المنتخب السعودي والاتحاد يستطيع أن يحرس مرمى فريق أوروبي كبير فإمكاناته ليست أقل من حارس المنتخب المغربي السابق والمدرب الحالي الذي خاض تجربة ناجحة في أوروبا المغربي بادو الزاكي. محمد نور"مايسترو"خط الوسط في الاتحاد صاحب مهارات نادرة، ويمكنه الانتقال بيسر لأوروبا... بالطبع هذه أمثلة ويوجد غيرهم الكثيرون ولكنهم يحتاجون إلى من يضعهم على بداية الطريق الصحيح للانطلاق في عالم الاحتراف الأوروبي.