تزامنت مع الانتخابات العراقية وأرتفعت حدة التوتر التي تصاعدت بين الأطراف السياسية المشاركة في الانتخبات والممتنعة عن التصويت، ما يدل إلى ظهور ملامح عدم الوحدة بين هذه الأطراف، مما أثرت سلباً على النتائج. فهيئة علماء المسلمين وهي هيئة تضم أكبر تجمع سني في البلاد، رفضت أن تشارك في الانتخابات، إلا إذا وضعت قوات الاحتلال جدولاً زمنياً محدداً يوضح زمن انسحابها، وربما كان هذا الشرط ثقيلاً، لأنه رفض من قبل المحتل، ففي المقابل رفض السنة خوض الانتخابات لأن هناك أمراً آخر هو عدم وجود مرشحين سنة لانتخابهم، الأمر الذي يجعل خوض الانتخابات في غاية الصعوبة. وبطبيعة الحال، فإن المنطقة التي تسمى المثلث السني، تشكل بؤرة توتر في العراق، نتيجة كثرة المقاومة فيها، وشدة خطورتها التي تنصب سواء على قوات الاحتلال أو الحكومة العراقية المساندة لها،ان انضمام السنة للحكومة العراقية المقبلة أمر له أهميته بالنسبة للجماعات الإسلامية التي تحض على المقاومة، لأن نجاح الانتخابات طبعاً، بمشاركة جميع الأطياف العراقية وبعد تشكيل أعضاء البرلمان الذي سيضع الدستور، فإن هذه المقاومة ستتأثر سلباً، أي سيتشوه هيكلها العام، أمام كل من له نظرة جهادية حول العراق وضد وجود المحتل أو كان متعاطفاً بعمق معها، وبالتالي ستضعف حركات المقاومة وتضمحل شيئاً فشيئاً. إن لم نبالغ، نظراً لأن أكثر منطقة توجد المقاومة فيها بكثافة، هي المنطقة السنية لذلك نجد أن انضمام السنة إلى الحكومة المقبلة سيكون له أبعاده الإيجابية أو السلبية على الأقل بالنسبة للحكومة العراقية، وهذا الذي بدا واضحاً أمام أعيننا، عندما رفض السنة الانضمام للانتخابات، ما جعل الرئيس العراقي غازي الياور ورئيس الحكومة العراقية إياد علاوي، يفكران في تأجيل الانتخابات، حتى يتسنى لهما الوقت لإقناع السنة وغيرهم من الطوائف المعارضة للانتخابات بخوضها. وأعتقد أن هناك نقاطاً كانت تدور حولها الحكومة العراقية وتفكر في كيفية تلاشيهما، لكن ومع قرب تشكيل الحكومة وازدياد المعارضة لها، في ظل وجود الاحتلال تحولت إلى مراحل صعبة وفي الوقت نفسه يجب أن تجتازها حتى تتم العملية الانتخابية بسلام. ومن هذه النقاط، أن العراق يضم أطيافاً كثيرة متنوعة ومختلفة تمام الاختلاف، في آرائها وغير متحدة في أيديولوجياتها، فعندما تعارض هذه الأطياف خوض الانتخابات وبالتالي عدم مشاركتها في وضع دستور يحكم البلاد، فإنها ستتحول تلقائياً إلى أحزاب معارضة، ما يجعل العراق في حال عدم استقرار دائم ولن يكون هناك عراق موحد، إذا كانت الغاية من هذه الانتخابات هي توحيده بجميع أطيافه وأطرافه السياسية، وكذلك من النقاط التي يجب أن توضع داخل دائرة الاهتمام أن الرئيس الأميركي جورج بوش رفض تماماً فكرة تأجيل الانتخابات وإن كانت فكرة التأجيل لها أهميتها المسبقة الذكر لأنه في تقدير الرئيس بوش أن هناك عيباً في استراتيجية الانتخابات وأعتقد أن رفض بوش تأجيل الانتخابات يعني أن هناك عيباً في سياسته تجاه العراق وخللاً كبيراً في الخطة الأمنية إن وجدت أصلاً، وليس في استراتيجية الانتخابات التشريعية. ولكن على رغم هذا كله فإن المرء يستطيع أن يكسر قاعدة مفروضة عليه، إن اضطرته الظروف إلى كسرها، أي إنه إذا نظرنا إلى أرض الواقع وما نشاهده من تصعيد متواتر لعمليات المقاومة، نجد أن هدفها يكمن في منع وضع دستور للبلاد في الوقت الحالي في ظل وجود قوات الاحتلال، لأنه في اعتقادي وكما ترى المقاومة فإن كل مادة يحويها الدستور، ستكون ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بالمصلحة الأميركية، لذلك تهدف إلى عدم تشكيل حكومة عراقية في ظل الاحتلال، وعدم دخول السنة وغيرهم من الطوائف العراقية سيجعل الانتخابات ناقصة وغير مكتملة وبالتالي ستصبح في نظر الكثيرين غير شرعية. توجهات المواطن العراقي وفكرة العقائدي وضعته في معادلة صعبة بين الانتخابات العراقية المقبلة ومستقبل عراقي يتميز بالوحدة، وسير هذه الانتخابات تحت الديموقراطية التي صنعتها قوات الاحتلال. وهذا ما تفسره الشعارات الدينية التي تلوح بها الحملات الانتخابية أمثال قائمة الائتلاف العراقي الموحد للتأثير على الناخب العراقي. وأما الآن ومع دخول الشعب العراقي مرحلة جديدة في حياته السياسية، باتت مسألة توحيد العراق بكل أطيافه أمراً في غاية الأهمية. خلود الجدعاني - جدة