جاء في كتاب بعنوان "عالم فوضوي" لمؤلفه فيليب ساندس، أن الرئيس الأميركي جورج بوش قال لتوني بلير قبل غزو العراق، في مكالمة هاتفية خاصة، في كانون الثاني يناير عام 2003، إنه ينوي استهداف دول أخرى بما فيها السعودية، التي بحسب كلام بوش تنوي الحصول على أسلحة الدمار الشامل. عند النظر إلى صدقية الوثيقة التي ذكرت تلك المكالمة الهاتفية الواردة في الكتاب المذكور، ومقارنة ذلك بالعلاقات السعودية - الأميركية، يتبادر إلى الذهن التشكيك في صدقية الوثيقة، لمتانة العلاقات السعودية - الأميركية، التي أعلن عنها في زيارة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة إلى أميركا، وهي علاقة مبنية على الشراكة في مكافحة الإرهاب، والشراكة لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. وقال خادم الحرمين الشريفين، في مقابلة مع المذيعة الأميركية باربرا والتز:"السعودية مثل بقية دول المنطقة ترفض امتلاك أسلحة نووية من جانب أي أحد، وخصوصاً الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط". وكما هو معروف، فإن السعودية موقعة على المبادئ الخمسة الشهيرة للتعايش السلمي، التي انبثقت من مؤتمر باندونغ عام 1955، التي من أهمها"احترام كل دولة لسياسة الدول الأخرى، وسلامة أراضيها، التزام كل دولة بالحفاظ على السلام العالمي، التزام كل دولة بالتعايش السلمي". إن جمع السعودية مع إيران وكوريا الشمالية وباكستان في قدرتهم النووية وسعيهم إلى امتلاكها، كما ورد في الكتاب فيه كثير من التجني وتشويه للحقيقة. والحقيقة أن السعودية لديها صواريخ استراتيجية، ونشر ذلك في كتاب الأمير خالد بن سلطان بعنوان:"مقاتل في الصحراء"للمرة الأولى وهذه الصواريخ صينية تعرف في الصين باسم DF-3A وتعرف في الغرب باسم CSS-2 وأحدث حصول السعودية على تلك الصواريخ في آذار مارس عام 1988، ضجة إعلامية قادها الأميركان المؤيدون لإسرائيل، واتهمت السعودية بأنها حصلت على صواريخ هجومية ستقلب ميزان القوى في الشرق الأوسط، الذي هو بالطبع في مصلحة إسرائيل. وكما جاء في كتاب الأمير خالد بن سلطان، بأن فكرة الحصول على تلك الصواريخ لم تكن فكرة القادة العسكريين، وإنما هي فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - والهدف من ذلك ردع أي عدو محتمل تسوّل له نفسه شن هجوم على السعودية. وكما هو معروف تعرضت السعودية لهجوم صواريخ سكود الصدامية، أثناء حرب الخليج الثانية، وكانت السعودية مثالاً في الانضباط والمسؤولية الدولية، ولم تستخدم صواريخها الاستراتيجية، التي بالطبع لا تحمل رؤوساً نووية، ولم تسع السعودية إلى ذلك في الوقت الذي كانت فيه قادرة على امتلاك الأسلحة النووية. لذلك أشكك في صدقية الوثيقة التي أوردها الكاتب فيليب ساندس في كتابه"عالم فوضوي أميركا"إنشاء وخرق القوانين العالمية LAWLESS WODRLD، ولكن أرجح رغبة المؤلف في استخدام اسم السعودية في إحداث"ضجة إعلامية"في كتابه للحصول على مبيعات أكبر لكتابه، لأن الكتابة عن العلاقات السعودية - الأميركية مادة دسمة لكتاب الغرب، نظراً إلى ما تتمتع به السعودية من ثقل عالمي يسيل له لعاب الغرب. ومن عجائب الدنيا ومفاجآت الزمن أن العدو المحتمل، الذي كانت الدول العربية تبني استراتيجيتها الدفاعية بناءً على وجوده هو إسرائيل. ولم تبن الدول العربية استراتيجيتها الدفاعية للعدو على احتمال دول عربية تبتلع دولاً عربية مجاورة، وليس مستبعداً هجوم دولة إسلامية على دول عربية في المستقبل، وتصبح استراتيجيات الدول العربية والإسلامية الدفاعية ضد بعضها بعضاً، ويستبعد العدو الإسرائيلي باعتباره عدواً محتملاً"تاريخياً"للدول العربية والإسلامية. باحث سعودي في"الجيوبولتيك" Castaway- [email protected]