يتداول السعوديون بواسطة "البلوتوث" فتوى للشيخ محمد الشنقيطي، وهو أحد المشايخ الذين يلقون دروساً في المسجد الحرام ويحظى بتقدير واسع بين العلماء وطلبة العلم، تؤكد عدم جواز ترك"الباقي"، أي المبلغ الذي يتبقى عند شراء سلعة أو خدمة ما، بحجة عدم وجود صرف. ويرى الشيخ الشنقيطي أنه لا يجوز للبائع أن يختفي عن نظر المشتري أو يؤجل إعطاءه"الباقي"إلى وقت لاحق، ووصف هذا الفعل بأنه"ربا النسيئة". وأفتى الشيخ الشنقيطي بهذه الفتوى رداً على سؤال صاغه صاحبه على النحو الآتي:"رجل اشترى بضاعة ب 50 ريالاً وكان معه 100 ريال وبقيت ال 50 الأخرى عند البائع، وهو لم يجد عنده صرفاً فهل يعتبر هذا ربا؟"، فأجاب الشيخ بقوله:"نعم هذه المسألة يخطئ فيها كثيرون، حتى بعض طلبة العلم يقع فيها، إذا جئت تشتري من التاجر سلعة وعندك مثلاً 10 أو خمسة ريالات أو 100 ريال أو 50 ريالاً وأعطيته إياها فانه ينبغي أن تقبض منه الباقي ولا تتركه عنده، فلو قال: ما عندي الباقي أو ليس عندي صرف، ائتني غداً أو بعد ساعة فهو ربا النسيئة، يعتبر ربا النسيئة، لماذا؟.. لو اشترى إنسان كتاباً بعشرة وأعطى البائع 100 ريال فانه حصل عقدان، العقد الأول عقد البيع، وهو العشرة ريالات في مقابل الكتاب، والعقد الثاني عقد الصرف، وهي ال90 ريالاً الباقية من ال100 في مقابل ال 100 المدفوعة من المشتري، فيلزم على المشتري إذا دفع ال100 أن يستلم الباقي ولا حرج في تأخير استلام الكتاب لأن عقد الصرف يجب أن يكون يداً بيد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيح من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه:"الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، يداً بيد: هاه وهاه ... فأمرنا أن نأخذ يداً بيد". ويذكر العلة من كون عملية الشراء ربما تؤدي إلى الربا بقوله:"الريالات الموجودة يعتبر رصيدها من فضة، فلو قال قائل إن الرصيد ألغي نقول له إنه لو ألغي الرصيد لما وجبت الزكاة فيها". ويضيف الشنقيطي:"لو قال لك البائع ليس عندي، تأخذ ال100 وتصرف ثم تأتيه. أو تعطيه رهناً حتى تأتيه بالمال وتأخذ السلعة، أو توكله بأن تقول: اذهب واصرفها من جارك، أما لو قال لك: أنا أصرفها أو أعطيك الباقي وذهب وتوارى عنك فانه الربا". ويدلل الشيخ الشنقيطي على ذلك بقوله:"بعض السلف يقول: لا يجوز للتاجر عند الصرف أن يقوم إلى صندوق المتجر، فان قام فقد افترقا ووقع الربا. فإذا جاء رجل وأعطى رجلاً 100 ريال فيأخذها ثم يرميها في الصندوق ويقول: كم أعطيتني؟ يقول 100، يقول لا ما أعطيتني إلا 10 ريالات فيحصل بين الناس شقاق ونزاع لذلك". وأثنى الشيخ الشنقيطي على موقف الشريعة الإسلامية من التعاملات الاقتصادية"الشريعة تريد القطع، ولذلك غالباً البيوع تجد فيها شروطاً مشددة لمصلحة الطرفين حتى أن هذا الشرط الذي يسمى شرط التقابض في الربويات، يقول بعض علماء الاقتصاد المعاصرون: لو أن العالم طبق شرط الشريعة في التقابض في الأموال لنجا من ثلاثة أرباع من المشكلات الاقتصادية الراهنة".