تعيش أم محمد وأسرتها منذ نحو عامين حياة يشوبها القلق والترقب والخوف، خشية أن يقبض عليها في أية لحظة وتودع السجن، لتترك والدتها المسنة وأطفالها الصغار، الذين ليس لهم بعد الله سواها. ولم تتخيل المرأة المحبطة أن تصل بها الحال إلى هذا الحد، فقد وجدت نفسها خلال فترة وجيزة محاطة بديون لا قبل لها بها، ولكن ماذا تفعل وقد تخلى طليقها عن أبنائه، وتجاهل مطالباتها المتكررة بالصرف عليهم. وتقول أم محمد ل«الحياة»: «مررت بظروف قاسية وحالي المادية صعبة، خصوصاً بعد طلاقي إثر خلاف بيننا، وبعدها تحملت مصاريف أبنائي ووالدتي المسنة المريضة، وأمام الحاجة إلى استئجار منزل ومصاريف الأكل والشرب اضطررت إلى الاقتراض»، مؤكدة «كنت أعلم أن الديون تتراكم وسيأتي يوم لا أستطيع سدادها، ولكن ليست في يدي حيلة، فما من امرأة ستتحمل أن ترى أبناءها جائعين، أو ليس لديهم ما يقيهم برد الشتاء». طوال حديثها ترى في عيني «أم محمد» الخوف والحزن، «أنا خائفة من السجن، ولكن الخوف الحقيقي وما يشغلني فعلاً هو مصير أبنائي، لا أعلم هل أحزن على حاضرهم، أم أخاف على مستقبلهم؟ ولكن لا أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل»، متسائلة: «بعد سجني من سيتكفل بهؤلاء الصغار ووالدتي المسنة، لا أتمنى أن أرى السجن». وتبلغ الديون المتراكمة على أم محمد نحو 180 ألف ريال، «أنا امرأة قليلة الحيلة، ولا أستطيع فعل شيء لتعديل الوضع، الذي يسوء يوماً بعد آخر»، لافتة إلى أن جميع الديون مثبتة بصكوك شرعية صادرة من المحكمة. وتستطرد أم محمد ونظرة عينيها لا تكاد تستقر في اتجاه محدد: «لم أعد قادرة على مغادرة المنزل ولا البقاء أسيرة جدرانه، إذ إن الديون تثقل كاهلي وتزيد الأعباء والضغوط علي، والظروف المعيشية تكالبت علينا، فهذا قدر الله لا بد أن نرضى به، وأنا امرأة وحيدة أغالب الدنيا لإعالة 13 فرداً»، مستدركة أنها لا تنام الليل عندما تتخيل نفسها داخل السجن. وتتمنى أم محمد أن يتعاطف المسؤولون والقادرون في هذا البلد المعطاء مع ظروفها وظروف أسرتها، ويقفون معها وأبنائها في محنتهم، موضحة «مللت من الحزن وليست لدي القدرة على العيش مستقبلاً وأنا خائفة منكسرة، وأدعو الله ليل نهار أن يسخر لنا من أهل الخير من يساعدنا في تسديد الدين، عجزت وضعفت القوة وقلت الحيلة، ولم يعد لنا أمل سوى الله ثم أهل الخير والمروءة».