سميرة تلميذة في ثانوية الأمير عبد القادر في باب الوادي في العاصمة الجزائرية، تعيش حالاً من الإحباط بسبب فقدانها الأمل بالنجاح في شهادة البكالوريا على رغم أنها ثابرت واجتهدت طوال السنة من أجل الظفر بمقعد في الجامعة والسبب امتحان الفلسفة. تشاؤم سميرة 17 سنة لم يأت من العدم لأنها وقفت مذهولة أمام ورقة امتحان مادة الفلسفة كغيرها من عشرات الطلاب في قسم الآداب والفلسفة، بسبب ما وصفته ل"الحياة"بأنه أسئلة مستحيلة. وفوجئ طلاب السنة النهائية بأسئلة امتحان الفلسفة التي قالوا إنها ليست من ضمن المقرر الدراسي ما أدخل كثيرين منهم في دوامة عنوانها العريض الفشل في الامتحان المصيري فيما سجلت مصالح حراسة الامتحان على مستوى العديد من المراكز حالات من الإغماءات لدرجة إن هناك من هدد بالانتحار أمام ورقة بيضاء سلمها فارغة في نهاية الامتحان. كثيرة هي أصوات التلاميذ التي ارتفعت عبر مواقع"فايسبوك"و"تويتر"وعلقت على صعوبة أسئلة مادة الفلسفة والرياضيات والفيزياء أيضاً وحملت المسؤولية للإضرابات التي أدخلت الثانويات والمدارس في عجز دراسي لأكثر من شهرين. وتعطلت بوصلة التفكير بالامتحان والاستعداد له بين أكثر من نصف مليون مترشح لشهادة البكالوريا لعام 2013 بسبب الاحتجاجات التي أرقت التلاميذ وأدخلتهم دوامة الصراعات بين النقابات العمالية ووزارة التربية. وفي سابقة من نوعها في تاريخ الامتحانات في الجزائر شهدت مراكز الامتحانات في بعض الولايات احتجاجات وخروج التلاميذ من الأقسام لصعوبة مسابقتي الرياضيات والفلسفة فيما قاطع المئات امتحان الفلسفة في عدد من الولايات، بينما أبكى امتحان الرياضيات الآلاف بسبب صعوبته ما جعل نتائج بكالوريا مفتوحة على كل الاحتمالات. هذا وبدأت تسري مخاوف من مقاطعة تصحيح الامتحانات التي يفترض أن تبدأ في الأيام المقبلة بعد انتهاء الامتحانات المصيرية، وهو ما كشف عنه الأمين الوطني المكلف الإعلام على مستوى المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مسعود بوديبة الذي قال ل"الحياة":"صعوبة بعض المواد وخروج أسئلتها عن المقررات الدراسية سيحدثان فضيحة في نتائج البكالوريا هذا العام". وحمل بوديبة وزارة التربية الوطنية مسؤولية ما يحدث بعدما ألزمت بتعويض الدروس المتأخرة التي خلفها الإضراب المفتوح في شهري نيسان أبريل وأيار مايو الماضيين متهما إياها بتعمد تفاقم الأوضاع في القطاع مما سينعكس سلباً على التعليم في الجزائر. وأشار المتحدث إلى أن القطاع يوظف أكثر من 600 ألف أستاذ فضلاً عن عمال ومهنيين تربويين ومن مختلف أطوار التعليم، لكنه عرف هزات كادت تعصف بالسنة الدراسية وتعلقها كلياً لولا تدخل الحكومة لإنقاذ التلاميذ من شبح السنة البيضاء. نقابات التربية أيضاً وقفت جداراً صامداً أمام وزارة التربية إلى غاية الأول حزيران يونيو الجاري فتراجعت عن الإضرابات وأوقفتها من أجل امتحان البكالوريا ورمت بحملها على المسؤولين الذين لم يلتفتوا إلى مطالبها المهنية والاجتماعية والمرتبطة أساساً برفع الأجور ووضع قانون يحمي الأستاذ والمعلم والعامل في قطاع التعليم. كذلك طالبت النقابات بتعديل قانون التقاعد ما يسمح بممارسة المهنة لمدة لا تزيد على خمسة عشر سنة فقط على عكس ما هو معمول به ليصل الأستاذ إلى حد"العقم التربوي"بعد ثلاثين عاماً من العمل والمعاناة في مهنة تضم اليوم أكثر من 150 ألف أستاذ. وكشفت دراسة لباحثين في مجال علم النفس التربوي في جامعة الجزائر الغطاء عن الأمراض المتفشية بين المعلمين خصوصاً وعمال التربية عموماً وأهمها الانهيارات العصبية والدوالي والربو وغيرها من الأمراض العصبية المرتبطة بالإجهاد، وعزت ذلك إلى أن المعلم يتعامل بشكل يومي مع أكثر من 40 تلميذاً في القسم الواحد وهو ما يسبب له إجهاداً طويل المدى خصوصاً إن كان يمارس المهنة لمدة تفوق 20 عاماً. المسؤول الأول عن قطاع التربية في الجزائر وجد نفسه يواجه كماً هائلاً من المشاكل فرمى الكرة في ملعب الأساتذة واتهمهم بتحطيم مستقبل التلاميذ معتبراً مطالبهم غير منطقية وإضرابهم غير مشروع بناء على قوانين الجمهورية. وبهذا أصبح التلميذ في الجزائر كرة تتقاذفها مصالح النقابات والوزارة وهو الخاسر الأكبر في كل الحالات. واللافت للانتباه أيضاً أن بكالوريا 2013 استثنائية هذا العام لسبب آخر هو تخليها عن اسم ارتبطت به 16 عاماً هو اسم الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد فكانت على مر السنوات"بكالوريا بن بوزيد"فأصبحت اليوم أول بكالوريا للوزير الحالي عبد اللطيف بابا أحمد. سؤال مادة الفلسفة: حلل آخر فكرة أطلقها زين الدين زيدان"حتى الصفر يمكنه أن يكون إيجابياً"