بعد تجربته السابقة"الأعمال الكاملة لإنسان آلي"، التي اتخذ فيها"الروبوت"وسيطًا فنيًّا ينوب عنه في الإفضاء، يُصدر الشاعر المصري شريف الشافعي مجموعته الشعرية الجديدة بعنوان"كأنه قمري يحاصرني"دار الغاوون- بيروت. وهي مجموعة تشهد على ارتداد الشاعر إلى ذاته. يتضمن ديوان الشافعي السادس، والذي يشهد على ارتداد الشاعر إلى ذاته، ثلاثين مقطعًا مكثفًا. ويحاول الشافعي من خلالها أن يرسم العالم في مرحته الانتقالية. فتولّد قصائده شعوراً بأنّ العالم، بل شعوب العالم، في مفترق طرق، لا تعرف أين تمضي أو إلى أين تعود. خطواتها يبددها الضباب، وينتابها اغتراب بعد اغتراب:"الغريبُ/ الذي يعبرُ الطريقَ/ ليس بحاجةٍ إلى عصا بيضاء/ ولا كلبٍ مدرَّبٍ/ هو بحاجةٍ/ إلى أن تصيرَ للطريقِ عيونٌ/ تتسعُ لغرباء". إلاّ أنّ القمر يبدو كما لو أنه يحاصر الأرض بسواده في حالة كسوف الشمس الكلي من جهة، وكما لو أنه يحاصر الأرض ببياضه وهو بدر تامّ من جهة أخرى، وهنا يستوي البياض والسواد. فالأبيض الباهر والأسود المطلق يحتلان الرؤية، ويحتكران حقيقة غائبة عن العيون:" كمْ أنتَ قاسٍ وَأَسْوَد/ أيها الأبْيَض".