بعدما فوجئ المشاهد المصري بتسريبات فضحت أرقاماً بدت بالنسبة إليه خيالية في مقابل أتعاب مقدمي برامج الحوارات، قفزت أسئلة كثيرة إلى ذهنه حول كيفية تعويض الفضائيات المصرية لملايين الجنيهات التي تدفعها للمذيعين، وهل الإعلانات وحدها قادرة على ذلك، وهل المسألة مجرد عرض وطلب؟ "الحياة"نقلت هذه الأسئلة إلى عدد من العاملين في مجال الإعلام، ومنهم الخبير الإعلاني طارق نور الذي اعترف بأن هناك برامج يتقاضى مقدموها أجوراً ضخمة لا يمكن للإعلانات أن تعوض قيمتها، لكن أصحاب الفضائيات يعتمدون على الوقت ويرون أنه كفيل بأن تصل محطاتهم إلى مستوى متميز يجلب شركات الإعلانات. وعبّر نور عن دهشته من الضجة التي تثار بعد كشف قيمة راتب أحد المذيعين وكأنه ارتكب جريمة، وقال:"الأكيد أنه لم يجبر صاحب المحطة على منحه أجراً لا يستحقه كما أنه لا بد من الاعتراف بقلة عدد المذيعين الأكفاء في مصر لأن المواهب الإعلامية الشابة لم تأخذ فرصتها واعتمدت الفضائيات على عدد محدود من الأسماء المشهورة يقيناً منها أنها تستطيع جلب المال والشهرة لها". واعتبرت المذيعة ريهام السهلي أن الخوض في التفاصيل المادية الخاصة بأجور النجوم أمر غير مرحب به لأن الماديات لا تهمّ المشاهد والأهم هو تقويم محتوى البرامج وتحديد أوجه القصور فيها ودعم إيجابياتها. وأضافت أن أسماء لامعة في دنيا ال"توك شو"الغربية يتقاضون الملايين والجمهور لا ينشغل بذلك كثيراً. وطالبت السهلي بدعم برامج الحوارات المصرية الهادفة بدلاً من التشكيك في أهدافها، بخاصة أن المشاهد يستطيع تحديد البرامج التي تتواصل مع واقعه الحياتي وتقدم له خدمة إخبارية مميزة. ورفضت ريهام الكشف عن قيمة ما تتقاضاه من قناة"المحور"الفضائية، مشيرة إلى أنه يتناسب مع نجوميتها كمذيعة ومع خبرتها في تقديم برنامج"90 دقيقة"، وهي تبذل مجهوداً لتحقيق النجاحات الإعلامية ولا تركز كثيراً على الماديات. ورأت المذيعة رولا خرسا أن هناك حملة على برامج الحوارات ليتجاهلها الناس في هذا الوقت الحرج. وأضافت:"لذلك سمعنا في الفترة الماضية عن تسريبات تتحدث عن أرقام يتقاضاها المذيعون وتهدف إلى إثارة الجمهور. ولو تابعنا مواقع التواصل الاجتماعية سنجد أنها تنتقد بشدة أجور مذيعي ال"توك شو"وتسخر من خوضهم في مواضيع اقتصادية مرتبطة بالفقر والبطالة، وتصف مقدميها بأنهم مرفهون ولا يعرفون شيئاً عن معاناة الشعب ويتحدثون عن العشوائيات على رغم أنهم يرفضون التبرع لها". وأشار المعلق الرياضي أحمد عبدالرازق إلى إن"موضة أجور المذيعين سببها الانفلات الإعلامي الحالي لأن الناس من شدة انزعاجها من بعض البرامج راحت تفتش في دفاتر الأسماء التي تقدمها وتربط بينها وبين قيمة ما تتقاضاه هذه الوجوه. والمشكلة أساساً ليست في الأجر ولكن في معرفة مستوى الخدمة البرامجية التي تقدم للمشاهد، والتي تهدف أحياناً إلى التحريض ولا تحقق أهدافا إيجابية. ثم إن المشاهد مسكين من هول ما يتابعه على الشاشات مع كل هذه الأعداد من المحللين السياسيين والاقتصاديين والرياضيين، والجميع يشكك وينتقد ويستنكر ويدين ويتحدث في أمور غير مفهومة". أما أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة صفوت العالم فأوضح أن الفترة الماضية أكدت أن الجمهور ينزعج بشدة عندما يسمع أن مذيعاً يتقاضى الملايين في العام الواحد، مثلما حدث مع محمود سعد ودينا عبدالرحمن وآخرين. وعزا سبب هذا الانزعاج إلى المقارنة بين وضعه المشاهد المالي ووضع المذيع الذي يتابعه على الشاشة، والذي يتحدث عن مشاكل الفقراء وتدني الأجور.