على هامش ما يحدث الآن من صراع ضد محاولة هيمنة الإخوان المسلمين على دواليب الدولة في مصر، ومحاولة هيمنتهم على أجهزة المعارضة في سورية، ومثل هذا أو ذلك في تونس والأردن وليبيا واليمن، نود الكلام بوضوح وصراحة: كل الأيديولوجيات التي نسميها شمولية أو كليانية أو توتاليتارية، يمينية كانت أو يسارية، دينية كانت أو وضعية، تمتلك نزوعاً أصلياً نحو الهيمنة. هذا النزوع لا يمكن تقليمه بمجرد إبداء حسن النيات أو طلب ضمانات شخصية، طالما أنه نزوع هيمني نابع من الاعتقاد بامتلاك أو إمكانية امتلاك مفاتيح النجاة وأسرار الخلاص. لننتبه جيداً، أصل الطاعة العمياء هو الاعتقاد بأن"القائد"الذي يقودنا يمتلك خريطة الطريق نحو الجنة، أكانت جنة أرضية أم سماوية. وفي الحد الأدنى قد لا نطلب منه سوى أن يجعلنا نتفادى الجحيم أو الدرك الأسفل من الجحيم، لا سيما حين يفلح في إقناعنا بأن الأسوأ لا يزال ينتظرنا وفي وسعنا تفاديه. مثل هذا الحد الأدنى هو حكايتنا الطويلة مع الاستبداد العربي. اليوم، علينا أن نرتقي في مستوى الفهم حتى لا نخرج من طغيان الحد الأدنى إلى شمولية الحد الأقصى. علينا أن ندرك أن كل الأيديولوجيات الشمولية تستند إلى أسطورة مؤسسة، وأن الأسطورة المؤسسة لنزعة الهيمنة الإخوانية ناجمة عن الاعتقاد المثير للفتن بأن هناك فرقة ناجية واحدة فقط، وأن هناك صراطاً مستقيماً واحداً، ووجهاً واحداً للعبادة. دعونا نقول بوضوح أكبر: الاعتقاد بأن هناك حقاً وحيداً، يقيناً وحيداً، منهاجاً وحيداً، هو المرض المزمن الذي أصاب الإسلام، وجعله رهينة استبداد طويل تتخلله نوبات من الفتن، منذ وفاة الرّسول إلى يومنا هذا. إنه مرض الإخوان المسلمين أيضاً. * كاتب مغربي