سارعت الحكومة اليونانية إلى وصف قرار أنقرة فتح الطريق لعودة أملاك أوقاف المؤسسات الدينية للأقليات في تركيا بأنه إيجابي. كما فرحت البطريركية المسكونية لهذا التطور، ولو كانت الإثنية اليونانية في تركيا قد تراجعت، بفعل الحاجات الراهنة، إلى أقلية دينية. لكن وراء الأكمّة ما وراءها. إن خطوة أردوغان ذكية واستعراضية. فبعد تفكير طويل، تحاول حكومته أن تقلب المشهد الذي كان يريد تركيا حتى اليوم معادية ومحاربة لكل وجود غير تركي على أراضيها. حكومة أردوغان تتقبل الماضي المظلم، لكنها تريد أن تكتسب الآن التقدم المعنوي في مواجهة مطالب الأقليات في لديها. بالطبع من الصعب أن يصدق المرء أن مباني وثروات اغتُصبت منذ 1936 ستعاد إلى ملاكها الطبيعيين. الأمر الأكثر احتمالاً هو أن تعطى تعويضات مالية، في محاولة لإغلاق قصص وذكريات وأقدار أشخاص في تركيا، بطريقة معاصرة وعملية. الأمر الأخطر والأكثر جوهرية في قرار أردوغان هو الطريقة المنهجية التي تدفع بها سياسة"العثمانية الجديدة"في اليونان والبلقان. بعد يوم واحد على إعلان الحكومة التركية بخصوص ثروات الأقليات، كرر وزير الخارجية القول إن أنقرة ترغب في أن ترى خطوات"مماثلة"من اليونان أولاً، ومن دول أخرى. أي أنه بناء على المماثلة، يمكن اليونان - خصوصاً في منطقة ثراكيا الغربية في اليونان المقابلة للجزء الأوروبي من تركيا- وفي خطوة حسن نية، أن تعيد إلى"الأقلية التركية"في المنطقة أملاكاً من حقبة الامبراطورية العثمانية. بكلام آخر، تريد أنقرة انتخابات هيئات الأوقاف، كي ينتخبها"أبناء الأقلية التركية"ثم فتح ملفات العقارات أيام الامبراطورية العثمانية في الأرض التي صارت في ما بعد يونانية. إنه لأمر يستحق الشك إذاً، لماذا سارع رئيس الوزراء اليوناني إلى الاتصال بنظيره التركي، حتى لمناسبة قرار الأخير في شأن ممتلكات"الأقليات الدينية"في تركيا. الأمر الأكيد والأوحد هو أن أثينا تتحرك بناء على أفكارها الأولية. على العكس من ذلك، تبرهن أنقرة أنها تتحرك بمنهجية، بأفكار بعيدة المدى. * صحافية - عن"إليفثيروتيبيا"اليونانية - 11/9/2011 - إعداد شادي أيوبي