يعيد الباحث جورج صليبا في كتابه"العلوم الإسلامية وقيام النهضة الأوروبية"النقاش حول نشأة العلوم في الحضارة الإسلامية الى الأصول، أي الى المصادر العلمية نفسها التي كانت هي قوام هذا التراث بالدرجة الأولى والمصادر التاريخية التي كانت هي الأخرى تدلي بدلوها في تفسير نشأتها. فخلافاً للسرد الكلاسيكي الشائع الذي يعزو نشأة هذا التراث الى الترجمات، خلال الفترة العباسية، من الحضارات القديمة وبالأخص الحضارة اليونانية، يرى صليبا أن الدراسة المعمقة لهذه المصادر توصلنا الى الاستنتاج بأن أعمدة هذا التراث كانت أرسيت خلال الفترة الأموية، وأثناء خلافة عبدالملك بن مروان بالذات التي رعت تعريب الدولة بجميع مؤسساتها. في هذا الكتاب الذي يقلب السرد الكلاسيكي رأساً على عقب، والذي يأمل منه صليبا أن يكون مثيراً للجدل البنّاء، نتتبع قراءة المؤرّخ محمد بن أبي يعقوب النديم، واضع كتاب"الفهرست"الشهير، ونتعقب معه تأريخ نشأة العلوم وربطها المباشر بإصلاحات عبدالملك. كذلك يسبر الكتاب غور النتائج التي ترتبت على تلك الإصلاحات كنشأة الحركات الشعوبية، وكيف كان تعريب الديوان هو الحافز للترجمات العلمية والفلسفية اللاحقة، وكيف جاءت الخلافة العباسية لتحصد ثمار هذا التنافس وتتابع استثماره لتقيم نهضة لم يعرف العالم مثيلاً لها من قبل. صدر الكتاب في نشر مشترك عن الدار العربية للعلوم - ناشرون و"كلمة"و"مركز جامع الشيخ زايد الكبير"، ونقله الى العربية محمود حداد.