سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان . وقائع وانطباعات وإيحاءات من لاهاي . إجراءات المحكمة الخاصة بلبنان قبل تصديق الاتهام تشبه محاكمة صغيرة الأدلة تصبح علنية بعد جلب المتهم والمحاكمة تتحول غيابية بعد مهلة معينة 2 من 2
في 3 ندوات منفصلة عرض 9 موظفين كبار في مختلف دوائر المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي، للإعلاميين اللبنانيين تعريفاً بعمل كل دائرة فيها، وبإجراءات التحقيق والادعاء والمرحلة التمهيدية ثم المحاكمة والحكم، استناداً الى نظام المحكمة وقواعد الإجراءات والإثبات، في محاولة منهم لتسهيل فهم عمل المحكمة قانونياً. ركز المستشار القانوني لغرف المحكمة الخاصة بلبنان جيوم دوهيمتين على دور قاضي الإجراءات التمهيدية في مرحلة التحقيق حيث يطلع على الطلبات التي يقدمها المدعي العام في التحقيقات لأن التدابير قد تؤثر في حياة بعض الناس فيقرر ما إذا كانت مقبولة. ويقدم المدعي العام الذي هو أيضاً قاضي التحقيق، بعض الأدلة الى قاضي الإجراءات التمهيدية ليتمكن الأخير من أن يصدق القرار الاتهامي حين يصدر، أو يرفضه، لأنه يحدد إذا كان مقبولاً ويهيئ الترتيبات لإعلان إصداره ويحدد الأدلة التي يقدمها المدعي العام إضافة الى الأدلة التي يقدمها الدفاع ويحرص على سرية بعضها مثلما قدّمت من المدعي العام ويتولى الإشراف على نظام حماية الشهود من الجانبين للحؤول دون الإفصاح عن هويتهم. ومن مهماته أيضاً القرار بتحديد الضحايا وعملية تمثيلهم في المحاكمة وضمان تأمين محامي الدفاع بالتنسيق مع مكتب الدفاع. حرص قائد فريق المحاكمة في مكتب المدعي العام، اكهارد ويتهوبف الذي اغتبط الصحافيون اللبنانيون بوجوده وتهيأوا لإمطاره بالأسئلة، على التأكيد أن المدعي العام مستقل ولا يتلقى تعليمات من حكومات أو أطراف وأن المسألة الوحيدة التي تؤثر على الادعاء هي الأدلة. وأضاف ويتهوبف الألماني الجنسية الذي سبق أن عمل في قضايا الإرهاب:"نعلم أننا نعمل في بيئة سياسية إلا أن قرارات الادعاء ليست سياسية". كما حرص على إزالة الالتباس بين عمل لجنة التحقيق الدولية التي سبقت تسلم المحكمة قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وعمل المدعي العام الذي استلم القضية من لجنة التحقيق. ورأى أن المدعي العام دانيال بلمار يصدر القرار الاتهامي حين يشعر أن الأدلة كافية لتحديد المجرمين فتقدم الى قاضي الإجراءات التمهيدية وهي تحتاج لأن تحترم المعايير القضائية الدولية بحيث يصدر القرار بشكل لا يقبل الشك وأن يتضمن احتمالات كافية لإدانة المتهمين. وركز ويتهوبف على أن القرار الاتهامي يتناول أفراداً وليس دولاً أو مجموعات أو كيانات فالأفراد هم الذين اغتالوا رفيق الحريري وبالتالي لا نتحدث عن دول أو هيئات أو منظمات. أدلة وتفاصيل وقال إن القرار الاتهامي سيكون أكثر تفصيلاً من أي قرار اتهامي عادي وسيكون واضحاً يستند للوقائع والأدلة ولا داعي للقول أنها ستكون غير قابلة للشك فيها وسيتضمن تفاصيل أكثر عن طريقة حصول الجريمة ولن يتضمن الكثير من العناوين القانونية لكنه سيستند الى قانون العقوبات اللبناني. وشدد على أن التصديق على القرار الاتهامي من قبل قاضي الإجراءات التمهيدية مختلف عن أي محاكم أخرى. ففي محكمة يوغسلافيا يتم الأمر بإجراءات الحد الأدنى، وتابع: ان تصديق قرار الاتهام استناداً الى المادة 88 من قواعد الإجراءات والإثبات، أشبه بمحاكمة صغيرة إذ أن المدعي العام يقدم لقاضي الإجراءات التمهيدية القرار ليراجعه ما يعني حصوله على الأدلة قبل توجيه الاتهام، وبالتالي عليه أن يؤكد على نص القرار في فترة قصيرة في تقرير يضعه وفي حال تم التأكيد على الأدلة يتم كشفها للمتهم إذا جرى جلبه الى المحكمة والمرحلة التمهيدية قد تأخذ سنة أو أكثر ويستمر خلالها التحقيق عن التهم. وعلى مكتب المدعي العام تقديم الأدلة للدفاع بعد 30 يوماً من مثول المتهم أمام المحكمة، في ما يتعلق بهذا المتهم. والأدلة الباقية يقدمها قبل بدء المحاكمة. وأوضح ويتهوبف أن على عاتق المدعي العام كشف الأدلة لأن هذا من وسائل المحاكمة العادلة والسير بها على أفضل وجه بحكم هذا الموجب الجدي الذي على الادعاء الأخذ به. ويوظف مكتبه المتخصصين للكشف عن الأدلة. وأشار الى مبدأ جديد ظهر في محكمة كمبوديا هو مشاركة الضحايا في المحاكمة لأنها تساعد في كشف الحقيقة وعلى المدعي العام أن يبدي ملاحظاته في المرحلة التمهيدية حول ضمان المشاركة العادلة لهذه الضحايا، حيث يمكنها أن تعبر عن هواجسها ويمكنها أن تستدعي شهوداً وتتأكد من صحة بعض الشهود. سئل ويتهوبف عن التسريبات التي حصلت لوسائل إعلامية ولجهات أخرى عن مجريات التحقيق وهل اتُخذت إجراءات في هذا الصدد فأجاب: هناك إجراءات اتخذت وتتخذ دائماً إجراءات لمنع حصول تهريب معلومات. ولم تتسرب معلومات من مكتب المدعي العام. ونحن نأسف في حالة حصول تسريبات، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة لأنها تفتح المجال للافتراضات وهذا سيضر بالتحقيق لأن أي افتراض مضر. وهذا في كل الأحوال لن يؤثر في التحقيقات لأنها تجرى بالطريقة المناسبة ووجود افتراضات لا يساعد التحقيق. وفي جوابه على سؤال آخر قال: مكتب المدعي العام يستعمل الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق الدولية. لكن عمل المدعي مختلف تماماً عن عمل اللجنة التي كان دورها قبل انتقال سلطة التحقيق في الجريمة الى المحكمة، أن تساعد القضاء اللبناني. وأضاف: تم النظر في الأدلة التي جمعتها اللجنة وإن وجد مكتب المدعي العام ما يمكنه الاعتماد عليه فيها فيأخذ بها، بعد التدقيق بها للتأكد من إمكان تبنيها. وقال رداً على سؤال آخر أن مكتب المدعي العام حقق تقدماً أكبر في التحقيقات، مما حققته لجنة التحقيق، منذ نشوء المحكمة. وأشار الى أن القرار الاتهامي الذي سيصدر سيكون مشابهاً للقرارات الصادرة عن محكمة يوغسلافيا السابقة وربما يتخطى في الوقائع ما ورد في قرارات محكمة يوغسلافيا. الفرد وليس الحزب ورفض ويتهوبف الإشارة الى أي أمر يتعلق بوحدة حماية الشهود في المحكمة وقال رداً على سؤال آخر: أنا لا أوافق على القول إنه إذا تحدث القرار الاتهامي عن شخص رفيع في حزب أو دولة بأنه يطاول حزباً أو دولة. نحن نتحدث هنا عن مسؤولية قانونية لا تطاول الفرد كجزء من كيان أو حزب أو دولة بل إن كان مسؤولاً أم لا في جريمة. كما رفض الإجابة عن سؤال عن مدى اعتماد التحقيقات على موضوع الاتصالات الهاتفية وقال تعليقاً على مسألة شهود الزور: نحن نعتمد عبارة شهود غير موثوق بهم. وحين سئل عما إذا كان القرار الاتهامي سيكون مغلقاً سرياً وعما إذا كان سيعتمد على الأدلة الظرفية كما سبق لبلمار أن قال من دون أدلة مباشرة أجاب: قد يكون القرار مغلقاً عند إصداره، الى أن يتم توقيف المتهم. أما الأدلة الظرفية فإنها ليست بديلاً من الأدلة المباشرة حتى لا يعتمد المدعي العام فقط على الأدلة الظرفية. وشرحت آن ماري برنس عمل مكتب الدفاع في المحكمة مؤكدة أنه لا يمثل المتهمين بل يسعى كي يتمتعوا بمحامين متخصصين نعيّنهم ونضمن الحماية للدفاع بحيث يمثل المتهمون بمحامين ماهرين ونمهد الطريق كي تتمكن فرق الدفاع ونستبق عملها ونحضر الوثائق التي تحتاجها. وبعد صدور القرار الاتهامي ننتقل الى مرحلة ثانية إذ يحتاج الأمر الى فرق دفاع خلافاً لما يحصل في دول أخرى حيث يكون هناك محام واحد. فما لدينا هنا هو ملفات كبيرة جداً يحتاج التعاطي معها الى محققين ومستشارين قانونيين تابعين للدفاع. ولاحظنا أن القانون في لبنان لا يتيح للمحامين القيام بتحقيقات خاصة بهم إلا ان مذكرة التفاهم التي وقعناها مع لبنان تتيح لمحامي الدفاع أن يقوموا بتحقيقاتهم ونضمن أن يحصل الدفاع في المرحلة التمهيدية بعد صدور قرار الاتهام على كل الأدلة المفيدة من أجل أن يدافع لتبرئة المتهم، ثم عند بروز الشهود أن يكون للدفاع حق استجواب بعضهم لأن المتهم المتمتع بقرينة البراءة يحق له الوصول الى الملف الجنائي كي يتعرف الى طبيعة الاتهام. وإذا كان هذا الأمر مستحيلاً لأسباب ما يتم طلب إجراءات تعويضية كأن يجرى سحب بعض مواد الاتهام. وسبق أن حصل ذلك مثلاً لبعض مواد الاتهام في إحدى محاكمات يوغسلافيا السابقة. ولفتت ماري برنس الى أن تأكيد قرار الاتهام من قاضي الإجراءات التمهيدية لا يعني توقيف أو حجز أي متهم حكماً لأن المحكمة تلتزم بحق الحرية قبل الإدانة فيبقى المتهم طليقاً ويمكن للمدعي العام وقاضي الإجراءات التمهيدية توقيف المتهم في بعض الحالات من أجل حماية مواد التحقيق من الخطر. وبعد أن تحدث مدير مكتب رئيس قلم المحكمة، وايد بيتمان عن دوره في العلاقة مع دوائر المحكمة الأخرى، أشار الى أنه لا يمكن إشراك الشهود في الإجراءات الممهدة للمحاكمة، ما لم يصبح القرار الاتهامي علنياً. وفي الندوة حول إجراءات المحاكمة والحكم، تحدث 4 من كبار موظفي المحكمة فأشار رئيس مكتب رئيس المحكمة المحامي السابق في إيطاليا غيدو أكوافيفا الذي سبق أن عمل قبل محكمة لبنان في محكمة يوغسلافيا السابقة مع عدد كبير من الخبراء والقضاة من هولندا ومصر واستراليا وغيرها، الى أن القرار الاتهامي وصدوره يشكلان إطاراً للمحاكمة، وفي تجارب سابقة مثل محاكمة رئيس وزراء كوسوفو السابق ومحكمة رواندا، اعتُبر القرار الاتهامي مسيّساً وسبب اضطرابات وسجالات. لكن بعد ذلك بدأ استماع القضاة الى الأدلة التي قدمها المدعي العام. وفي النتيجة إذا ثبت أن المتهم غير مذنب يحكمون ببراءته. وشرح المستشار القانوني في مكتب المدعي العام غريغوري تاونسند الذي عمل في الأممالمتحدة ومحكمتي يوغسلافيا وسيراليون، أهمية علانية المحاكمة إلا إذا قرر القضاة استثنائياً سرية إحدى الجلسات أو جزء منها. وقال إن هناك 4 مراحل في محكمة لبنان هي الملاحقات، المحاكمة، الدفاع ودوره وأخيراً الطعن من الدفاع بالحكم، حتى تكون المحاكمة عادلة. وأضاف: إذا أدين شخص وأراد بعدها التعاون مع المحكمة بالإدلاء بشهادة في اتهام موجه الى شخص آخر فإن عقوبته تخفض لتعاونه، إذ يحق للقضاة أن يقرروا تمديد جلسات المحاكمة للاستماع الى مزيد من الشهود. وهو أمر يمكن للدفاع أن يستخدمه كاستراتيجية. وأوضح أن ثمة أمراً قد يسبب جدالاً بين أطراف المحاكمة إذ أن القرار الاتهامي يجب أن يتضمن أسماء الشهود، وإذا لم يتضمنها كلها لأسباب تتعلق بالسرية فإن اللائحة المتعلقة بالشهود ستتضمن مختصراً بالشهادات لتصبح علنية، تمهيداً لعرض الشهود لاحقاً إما على دفعات أو دفعة واحدة. وتحدثت المستشارة في مكتب الدفاع هيلين أونياك عن حقوق المتهم وحق القضاة في استجواب الشهود وأشارت الى إمكان حصول المحاكمة الغيابية في 3 حالات: إذا أصر المتهم على حقه في عدم الحضور وإذا لم يسلّم من دولته ضمن المهلة المعقولة، أو في حالة التواري والتغيّب، لكنه يحظى بمحامي دفاع يعينه هو أو يعينه مكتب الدفاع. طرح في الندوة السؤال التالي: إذا ظهرت أثناء المحاكمة بجريمة اغتيال الحريري أدلة تتعلق بإحدى الجرائم الأخرى هل تدمج بالمحاكمة نفسها أم تؤجل؟ وجاء الجواب:"ستكون المعلومات والمعطيات كثيرة ومتعددة وعلى محاكمة الحالتين معا في محاكمة واحدة". الشهود إذا شهدوا بعلاقة متهم بجريمة أخرى سيكون صعباً على القضاة العمل في القضيتين معاً وسيتعين عليهم إنهاء القضية الأولى ثم العودة لاحقاً الى الثانية. كما أن المتهم بالقضية الجديدة سيكون صعباً عليه الدفاع عن نفسه في قضية ثانية تثار ضده فجأة. أما إذا تبين ان أحد المتهمين قد توفي أو قتل، فتوزع الجواب بين الخبراء كالآتي: تتوقف المحاكمة في حق المتهم إذا كان وحيداً. وإذا كان هناك أكثر من متهم تستمر. لكن القضاة والمدعي العام يحتاجون الى إثبات بأنه توفي عبر فحوص الحمض النووي أو غيرها من الإثباتات. وإذا تبين أن أحداً ما يقف وراء المتهم التوفي؟ الجواب: اذا هناك إثبات ودليل أن أحداً يقف وراءه تتخذ إجراءات محاكمته. أي أن القضية لا تنتهي. وعند تكرار الأسئلة عن شهود الزور قال تاونسند: لن ندعو شهوداً لا يتمتعون بالصدقية. وتحدث أكوافيفا والمستشارة في قلم المحكمة ايفلين أنويا عن جوانب أخرى من المحاكمة فشرح الأول أهمية وجود مرحلة الاستئناف كمحاكمة جديدة. وأضاف: خلال محاكمة المرحلة الأولى قد تحصل عمليات استئناف. مثلاً إذا كان الاتهام غير واضح او طلب إخلاء سبيل موقوف أو إذا ظهر أن وثيقة ما تم الحصول عليها في شكل غير شرعي.