وافقت الحكومة الروسية أمس على تزويد لبنان كمية من الأسلحة للجيش اللبناني مجاناً، وذلك خلال اليوم الأول من زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لموسكو على رأس وفد وزاري. وأجرى الحريري مساء، اتصالا هاتفياً بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مهنئاً بحلول عيد الأضحى المبارك ومطمئناً الى صحته. وتخلل الزيارة لروسيا لقاء مسائي موسع مع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، وعلمت"الحياة"أن هبة الأسلحة تتضمن 6 مروحيات"أم إي - 24"، 31 دبابة"ت - 72"، 36 مدفعاً من عيار 130 ملم، نصف مليون طن من الذخائر المختلفة، و30 ألف قذيفة مدفعية. راجع ص 6 و7 وإذ يلتقي الحريري اليوم الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وينهي زيارته الرسمية لروسيا، أشاد بوتين خلال المحادثات أمس بالدور الذي يلعبه رئيس الحكومة اللبنانية بتقدم السلم الأهلي والاستقرار في لبنان، وطلب دعمه لمواكبة رغبة الشركات الروسية في المشاركة بالمناقصات التي ستجرى في لبنان، وذلك خلال كلمة ألقاها عند افتتاحه المحادثات بين الجانبين اللبناني والروسي. أما الحريري فدعا في كلمته رداً على بوتين، روسيا الى زيادة دورها في السعي من أجل السلام في المنطقة. وأكد حاجة الشرق الأوسط الى هذا الدور. وشددت مصادر الوفد اللبناني ل"الحياة"على أهمية الدعم الروسي للجيش اللبناني والهبات التي قررت الحكومة الروسية تقديمها إليه، كما أن الجانب الروسي جدد دعمه للمحكمة الدولية. وقال نائب وزير الخارجية ألكسندر سلطانوف في تصريح إن بلاده"ما زالت على هذا الموقف"، مكرراً حرص موسكو على عدم تسييس المحكمة"لأن هذا يضر بأهدافها"، ومشدداً على التزامها قرار مجلس الأمن في شأنها. وعقدت المحادثات الرسمية اللبنانية - الروسية بين بوتين والحريري في قصر الضيافة في موسكو، وحضرها عن الجانب اللبناني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلياس المر ووزراء الخارجية علي الشامي والعدل إبراهيم نجار والأشغال العامة والنقل غازي العريضي والمال ريا الحسن والدولة عدنان القصار والثقافة سليم وردة والمستشار جورج شعبان، وعن الجانب الروسي حضر وزير الطاقة سيرغي شماتكو ونائب مدير الإدارة في رئاسة الوزراء يوري بوشاكوف والسفير الروسي الجديد لدى لبنان ألكسندر زاسبكين ونائب وزير النقل الروسي سيرغي اريستوف ونائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف ومدير التعاون العسكري الفيديرالي ميخائيل ديميترياف ومدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الروسية اليغير بيلاييف. وأعرب بوتين عن سروره للقاء الحريري"بصفتكم رئيساً لمجلس الوزراء اللبناني". وتحدث عن علاقات الصداقة التي تربط روسياولبنان"منذ سنوات عديدة، ونحن راضون عن تطور العلاقات الثنائية، كما أننا مسرورون لتطور الاقتصاد اللبناني والعمل الذي تقومون به لإحلال السلم الأهلي في لبنان". وأكد"أن الاتصالات بين البلدين تتواصل على مستوى عالٍ جداً، ومنذ مدة سررنا باستقبال الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي قام بزيارة رسمية الى موسكو، وأنا على ثقة تامة بأنه خلال الزيارة التي تقومون بها اليوم سنخطو خطوات جدية وعديدة لمزيد من تطوير العلاقات الثنائية بين بلدينا. ومن المقرر أن يتم التوقيع على اتفاقيتين، الأولى وثيقة تعاون بين النيابة العامة الروسية ووزارة العدل اللبنانية، وأخرى في مجال الثقافة". وأسف بوتين"لانخفاض حجم التبادل التجاري في السنة الماضية بنسبة 25 في المئة"، لكنه لفت الى"عودة ارتفاعه بنحو الثلثين خلال الأشهر التسعة الماضية، إلا أن هذا التبادل يبقى ضئيلاً، وهناك إمكانات جيدة لتطوير علاقاتنا التجارية، خصوصاً لناحية تنفيذ المشاريع الكبرى وهذا يتعلق بمجالات الطاقة والنقل والاتصالات وكذلك بالتعاون العسكري. وفي هذه المجالات التي أشرنا إليها هناك مشاريع جدية وملموسة، وأنتم تعرفون رغبة الشركات الروسية الكبرى في المشاركة بالمناقصات التي ستطرح في لبنان، وسنتحدث عن هذه المواضيع بالتفصيل". وشدد الحريري على العلاقات الودية"بين البلدين والشخصية معكم"، وقال:"بدأها الرئيس الشهيد رفيق الحريري بتعزيز التبادل التجاري وفتح آفاق الاقتصاد بين البلدين، وهذا ما يجب أن نعمل عليه لأن علاقاتنا السياسية ممتازة". واعتبر أن"التبادل التجاري يجب أن يكون افضل مما هو عليه اليوم لأن العلاقات السياسية مميزة بالفعل، لذلك نحن نرحب بكل الشركات الروسية لتشارك في المناقصات المطروحة في مجالات النقل وبناء السدود والسكك الحديد وغيرها. ونرى أيضاً أن العلاقات العسكرية والأمنية مهمة جداً بالنسبة إلينا، وكذلك التبادل العسكري والتدريب. ونشكركم على كل الدعم الذي قدمتموه للبنان في هذا المجال، وسنتكلم عن الأوضاع السياسية في المنطقة التي تهمكم وتهمنا، وخصوصاً بالنسبة الى عملية السلام والحائط المسدود الذي تواجهه". وركز الحريري على وجوب"وضع حدٍ للتعنت الإسرائيلي المستمر لأن المنطقة لا تتحمل كل هذا التطرف الموجود فيها، ويجب على إسرائيل أن تقبل بمبادئ مؤتمر مدريد وبالمبادرة العربية للسلام التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من بيروت، ونرى أن دور روسيا كبير ومواقفكم التاريخية مع القضية الفلسطينية والعرب ودعمكم للقرارات الدولية المتعلقة بهذه القضايا كانت عادلة، وكنتم دائماً الطرف الذي يرى المشكلة من جهتين. ونتمنى أن يقوى دوركم في هذه العملية لأن المنطقة بحاجة الى الدور الروسي". وأقام الرئيس بوتين مأدبة عشاء على شرف الحريري والوفد المرافق. وفي باريس، أكدت مصادر مطلعة أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كرر تأكيده أمام رئيس تكتل"التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لدى استقباله له أمس في قصر الإليزيه، أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري"يجب أن تستكمل عملها، خصوصاً أنها تتناول اغتيال رئيس حكومة، والمحكمة ليست مشكلة بل المشكلة في ما أثير حولها من مشكلات". ورد عون بالقول، وفق المصادر نفسها، أنه لم يطالب بإلغائها"على رغم أنها أنشئت في ظروف دستورية مشكوك بأمرها". وكشفت المصادر الفرنسية أن عون لفت الى أن موضوع المحكمة الدولية"يخلق أجواء مجابهة في لبنان، والمحكمة أضاعت صدقيتها". ونقلت عنه قوله أيضاً إن المحكمة"غير مخوّلة معالجة ملف شهود الزور الذي ينبغي أن يحال الى محكمة لبنانية خاصة لكن الحكومة اللبنانية منقسمة بهذا الشأن وليس هناك أي قرار". ورأى ساركوزي، بحسب المصادر نفسها، أنه"ينبغي على الدولة والجيش اللبناني القيام بمهماتهما على الأراضي اللبنانية، ومن غير الصحي أن تكون هناك قوة أخرى على الأرض". ورد عون بأن"حزب الله أنشئ في فترة لم يكن هناك فيها جيش لبناني وكان لا بد من الدفاع عن البلد، وأن ورقة تفاهمه مع الحزب تنص على أنه لا بد من تسليم سلاحه بعد تحرير الأرض.