أعلنت روسيا الشروع في وضع برامج لضمان تعزيز قدراتها في مجال الردع النووي وزيادة إمكاناتها العسكرية لمواجهة"التحديات الجديدة". وقال الرئيس ديمتري ميدفيديف إن بلاده ستولي اهتماماً خاصاً لتحقيق تفوق في الجو، ضمن برنامج شامل لإعادة بناء العقيدة العسكرية الروسية على أسس حديثة. وأكد ميدفيديف في خطاب ألقاه أمام قادة الوحدات العسكرية المشاركة في مناورات بمنطقة أورينبورغ غرب سيبيريا، أن المهمة الأساسية الحالية لموسكو"تشمل تأمين الردع النووي المضمون وتجهيز القوات المسلحة بأحدث أنواع الأسلحة بحلول عام 2020". وزاد:"يجب ان يحقق الجيش الروسي التفوق في الجو وفي توجيه الضربات ذات الدقة العالية إلى الأهداف الأرضية والبحرية، وكذلك في عمليات الانتشار السريع ونقل القوات". وأوضح ميدفيديف أن بين الخطط الجديدة على صعيد إعادة بناء وتطوير قدرات روسيا العسكرية"بناء مجموعة من السفن الحربية بصورة متسلسلة، وفي مقدمها الغواصات الذرية المجهزة بصواريخ مجنّحة وغواصات متعددة الأغراض"، فضلاً عن"إقامة منظومة متكاملة للدفاع الجوي الفضائي". وأقر خلال الاجتماع خطة تضمنت ما وصف بأنه"المعايير الأساسية لبناء القوات المسلحة حتى عام2020"، وتستند على تحقيق خمسة عوامل أساسية هي: تحويل التشكيلات القتالية إلى فئة قوات التأهب القتالي الدائم، رفع فعالية نظام قيادة القوات المسلحة، استكمال نظام إعداد الكوادر والتعليم العسكري والعلوم العسكرية، تجهيز الجيش بأحدث الأسلحة وأدقها بصورة متكاملة، تحسين الأوضاع الاجتماعية للعسكريين، معتبراً أن هذه العوامل مجتمعة ستحدد القدرة القتالية للقوات الروسية في المستقبل. وكانت موسكو أعلنت عن نيتها الشروع بتطبيق خطط جديدة لمواجهة نيات الولاياتالمتحدة نشر الدرع الصاروخية في أوروبا. وبحسب عسكريين روس، فإن نجاح واشنطن في خططها سيؤدي إلى تعريض الأمن الإستراتيجي الروسي للخطر لأن الدرع الأميركية ستقلّص قدرات روسيا على ردّ متكافئ في حال تعرضت لضربة أولى، ما يعني فقدان توازن الردع النووي القائم حالياً. ملف القوقاز وأشار خبراء عسكريون أخيراً إلى أن التطورات في منطقة القوقاز دلّت إلى أهمية مراجعة العقيدة العسكرية الروسية وإدخال تعديلات جوهرية على أولويات سياسة موسكو على صعيد البناء العسكري. وفي ملف الوضع في القوقاز تحدث رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى عن نية بلاده العمل على"إزالة الحدود بين روسيا وأوسيتيا الجنوبية"، ما يعني بحسب سياسيين روس"انضمام أوسيتيا الجنوبية عملياً إلى الاتحاد الروسي". واعترفت موسكو باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية على رغم الاعتراضات الغربية، ووقعت مع"الجمهوريتين"اتفاقات تعاون تتيح للروس نشر قواعد عسكرية روسية على أراضيهما. ودعا بوتين في الوقت ذاته إلى توطيد العلاقات مع الجورجيين، مشدداً على"عدم جواز ترك جورجيا لمتطرفين يعيثون فيها فساداً"، في إشارة إلى الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي الذي تتهمه موسكو بإشعال فتيل الحرب في القوقاز. في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أنه سيلتقي في جنيف منتصف الشهر المقبل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، والرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وزير الخارجية الفنلندي الكسندر ستوب. وزاد أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيحضر اللقاء الذي سيخصص لمناقشة تطورات الوضع في القوقاز. وتزامن الإعلان مع قرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا زيادة عدد مراقبيها العسكريين في منطقة النزاع الجورجي ? الأوسيتي. وكشف ستوب، بصفته الرئيس الحالي للمنظمة، لدى تقديمه تقريره أول من أمس إلى مجلس الأمن، أنه في الوقت الذي جرى فيه نشر 20 مراقباً عسكرياً من المنظمة في المنطقة الفاصلة، نشأت صعوبات في المفاوضات حول نشر المراقبين ال80 الباقين. علماً أن أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية أعلنتا رفضهما نشر قوات أوروبية على أراضيهما، فيما اعتبرت موسكو أن اتفاق التسوية الذي وقعه ميدفيديف ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي لم يتضمن إشارة إلى نشر مراقبين أوروبيين في الجمهوريتين، وأن الخطة ركزت على نشر الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون مراقبين في المناطق التي تفصل الأراضي الجورجية عن أراضي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. رايس: الردع الأميركي قادر وقوي على صعيد آخر، نقلت وكالة"رويترز"عن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن بلادها تدرس الإجراءات التي يمكن اتخاذها اذا استغلت روسيا النفط أو المعادن في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. واستخدمت رايس لغة صارمة غير معتادة لوصف أعمال روسيا، وقالت إن موسكو وضعت نفسها في مأزق على الساحة الدولية بتوغلها في جورجيا. وزادت:"أحيانا عندما يحفر شخص ما حفرة فمن الأفضل أن تتركه فيها". وبدت رايس غير قلقة في شأن إعلان الرئيس ميدفيديف أن موسكو ستعزز ترسانتها النووية، لافتة الى أن "ميزان القوى لن يتأثر بتلك الإجراءات". وأضافت ان الرادع النووي الأميركي" قادر"و"قوي"، وان الولاياتالمتحدة ستحدثّه اذا لزم الأمر، موضحة أن"هذا ضمان كاف في مواجهة أي تطوير قد تقوم به روسيا". وتابعت أن واشنطن لا تزال مهتمة بمواصلة أنشطة الحد من التسلح مع روسيا بما في ذلك دراسة ما ينبغي أن يتبع معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية التي خفضت الرؤوس الحربية النووية لدى البلدين ووسائل نقلها والمقرر ان ينتهي أجلها السنة المقبلة.. ورفضت رايس الانتقادات بأن النهج الأميركي المتشدد بخصوص التحركات الروسية في جورجيا قد عرّض للخطر التعاون الاستراتيجي مع موسكو للخطر، مشيرة الى أن القضايا التي عملت واشنطنوموسكو في شأنها من تفكيك البرنامج النووي لكوريا الشمالية الى مكافحة الإرهاب ومحاولة إقناع إيران بتعليق أنشطتها النووية، هي أطول مما كانت عليه خلال الحرب البادرة.