أعلنت موسكو أن انتشارها العسكري في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية "سيستمر طويلاً"، وأشادت بالدور الأوروبي الذي سيكون "ضمانة عدم الانزلاق إلى مواجهات عسكرية جديدة". وساد ارتياح الأوساط الروسية أمس، بعد 24 ساعة على توصل الرئيسين الروسي ديمتري ميدفيديف والفرنسي نيكولا ساركوزي إلى اتفاق يستكمل خطة وقف إطلاق النار في القوقاز التي وقعها الطرفان في 12 آب أغسطس الماضي. وتضع الخطة الجديدة أطراً زمنية لانسحاب القوات الروسية من كل المناطق الجورجية في غضون شهر ما عدا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، في مقابل ضمانات أوروبية بمنع القيادة الجورجية من شن هجوم جديد على أوسيتيا الجنوبية ونشر وحدة أوروبية قوامها 200 عسكري في المنطقة الأمنية الفاصلة بين جورجيا من جهة وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية من الجهة الأخرى. وعكس الاتفاق برأي محللين روس اعترافاً أوروبياً بأن"الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي يتحمل مسؤولية اندلاع الحرب والنتائج التي أسفرت عنها. كما أشار محللون إلى أن الاتفاق"حقق أهداف موسكو، وحفظ في الوقت ذاته ماء وجه الاتحاد الأوروبي، الذي تعاظم دوره في المنطقة على حساب الدور الأميركي". وأعلن أمس في موسكو أن ساكاشفيلي وقع في وقت متأخر من ليل الإثنين- الثلثاء اتفاق ميدفيديف- ساركوزي بنسخته الجديدة ، علماً أن الرئيس الفرنسي انتقل فور انتهاء محادثاته في موسكو إلى تبليسي، محطته الثانية في المهمة التي يتولاها بصفته رئيساً للاتحاد الأوروبي. وفي أول توضيح من الجانب الروسي لتفاصيل الاتفاق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن قوات روسية"ستبقى في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية فترة طويلة، لضمان أمن السكان المدنيين". وأشار في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية النمسوية أورسولا بلاسنيك، التي زارت موسكو أمس، إلى أن"استمرار الوجود العسكري الروسي في الجمهوريتين ضرورة مطلقة لمنع شن أعمال عدوانية من جورجيا". وأوضح لافروف أن القوات الروسية التي سترابط في الجمهوريتين"لن تكون قوات حفظ سلام، بل وحدات عسكرية عادية تابعة لوزارة الدفاع"، مشيراً إلى توصل موسكو إلى اتفاقين مع تسيخنفالي وسوخومي، حول طبيعة القوات وأماكن تمركزها. وكان وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف قال إن تعداد القوات الروسية سيبلغ حوالى 3800 جندي في كل جمهورية، لكنه ترك الباب مفتوحاً لاحتمال زيادة هذا العدد باتفاق الأطراف. وأبلغت موسكو الاتحاد الأوروبي أول من أمس أنه"لا رجعة عن قرار الاعتراف باستقلال الجمهوريتين، وأن موسكو ستعمل على تعزيز أمنهما وحمايتهما ومساعدتهما اقتصادياً وعسكرياً". إلى ذلك، شدد وزير الخارجية الروسي على أن مسؤولية تجنيب القوقاز عودة الوضع السابق،"ستقع على عاتق أولئك الذين سيحلون محل جنود السلام الروس في المنطقة"في إشارة إلى مراقبي الاتحاد الأوروبي. وزاد أن الاتحاد قدم ضمانات في هذا الشأن. وقال لافروف إن عدد المراقبين الدوليين يجب أن يكون كافياً ليحلوا محل جنود السلام الروس، علماً أن الجانبين اتفقا على نشر 200 مراقب أوروبي في المنطقة. وأعرب لافروف عن تقدير بلاده"الدور الذي تعهد بتأديته الاتحاد الأوروبي، ونؤيد تفعيل مشاركته في تسوية مسائل الأمن في أوروبا وتأمين الأسس العملية لها". وكرر"موقف روسيا الثابت في مسألة بناء شراكة إستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي"، لافتاً إلى أن الاختلافات في الرأي حول بعض القضايا، يجب ألا تؤثر سلباً في العلاقات بين الجانبين. وتطرق الوزير الروسي إلى نقطة ربما تكون خلافية في المستقبل، عندما أشار إلى أن بلاده تصر على مشاركة أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في المناقشات الدولية المنصوص عليها في خطة"ميدفيديف - ساركوزي"الخاصة بالتسوية في القوقاز، والتي من المقرر أن تبدأ في جنيف في الخامس عشر من الشهر المقبل. وقال لافروف إن أحد المواضيع الرئيسة في المناقشات، سيتمثل في بحث سبل ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. إلى ذلك، أعلن أمس في موسكو أن الخارجية الروسية تبادلت مذكرات في شأن إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وجرى وضع اللمسات النهائية على الاتفاقين خلال لقاء لافروف مع نظيريه الأبخازي سيرغي شامبا والأوسيتي مراد جيويف. وبحث الوزراء أيضاً مسودة معاهدتين للتعاون والصداقة مع الجمهوريتين، علماً بأن شامبا كان أعلن أخيراً استعداد أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية للانضمام إلى رابطة البلدان المستقلة ومشروع الوحدة بين روسيا وبيلاروسيا، ما يعني أن مناقشات تأسيس دولة الوحدة الجارية منذ سنوات ستغدو قريباً رباعية.