أعلنت الحكومة الجورجية أمس تشديد إجراءات استخراج تأشيرات دخول الروس إلى جورجيا، بعد قرار تبليسي قطع العلاقات الديبلوماسية مع موسكو على خلفية قرار الكرملين الاعتراف باستقلال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الانفصاليين. وأعلنت الخارجية الجورجية في بيان أنه اعتباراً من الثامن من أيلول سبتمبر المقبل، لن يحصل الروس على تأشيرات دخول جورجيا سوى من القنصليات والمكاتب الديبلوماسية الجورجية. وستلزم جورجيا المتقدمين بطلب الحصول على تأشيرة، تقديم خطاب دعوة، للحصول على تأشيرات للزيارات العائلية والإنسانية ورحلات العمل. وأكدت موسكو أنها سترد بالمثل على قرار تبليسي، على رغم أن سفارة روسيا لدى تبليسي أعلنت أمس أنها لم تتسلم بعد مذكرة رسمية من الجورجيين بالقرار الجديد. وكان نائب وزير الخارجية الجورجي غريغول فاشادزه قال إن جورجيا ستقطع العلاقات الديبلوماسية مع روسيا، وستنسحب من كل الاتفاقات والمعاهدات الموقعة مع روسيا وفي إطار رابطة البلدان المستقلة التي كانت جورجيا أعلنت انسحابها منها في وقت سابق. ومن بين الاتفاقات تلك، اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة النزاع مع أبخازيا وأوسيتيا في العام 1994 الذي وقع بإشراف روسي ونص على دخول قوات حفظ السلام الروسية إلى المنطقة، ويمهد إعلان الانسحاب الآن لصدور قرار جورجي يعتبر القوات الروسية الموجودة في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية قوات احتلال. وعلق ديبلوماسي روسي رفيع في الخارجية على قرارات جورجيا بأنها"ستنعكس بالضرر للأسف على الشعب الجورجي" وقال إن جورجيا، بقطعها العلاقات الديبلوماسية مع روسيا،"تترك مئات الآلاف من مواطنيها من دون دعم أو رعاية". ومعلوم أن حوالى مليون جورجي يسكنون في روسيا. ويعني قطع العلاقات وفرض نظام تأشيرات مشدد انقطاعهم عن بلادهم تماماً، خصوصاً مع وقف تسيير الرحلات الجوية بين البلدين، لكن الأهم برأي اقتصاديين روس حرمان جورجيا من أحد أهم مصادر الدخل، لأن أبناء الجالية الجورجية في روسيا كانوا يرسلون إلى بلادهم سنوياً ما بين 700 مليون دولار بحسب أرقام رسمية وبليوني دولار بحسب خبراء مستقلين. ولفت إلى أن"السلطات الجورجية بقرارها تترك مواطنيها وحيدين مع مشكلاتهم من أجل تحقيق أطماع سياسية آنية". تهدئة مخاوف وسعت موسكو إلى تهدئة مخاوف الأوروبيين عشية القمة التي يتوقع أن تشهد خلافات بين فريقين يسعى أحدهما إلى فرض عقوبات على روسيا فيما يصر الآخر على ضرورة عدم تصعيد المواجهة مع الروس. وظهر ذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها أمس رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف. وسعى ميدفيديف إلى توجيه رسالة إيجابية وأكد لمحدثه استعداد روسيا لبدء حوار بناء مع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية الأخرى، بهدف التوصل إلى تسوية للموقف في القوقاز، على أساس خطة"ميدفيديف - ساركوزي"التي"ما زالت تحافظ بالنسبة لروسيا على حيويتها وأهميتها، ونحن ملتزمون بالكامل بتطبيقها". وأكد الكرملين إن ميدفيديف شرح لبراون دوافع قرار روسيا الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وأكد له أن موسكو"لا تدعم فقط وجود وحدات تابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي في منطقة النزاع، بل تدعو أيضاً إلى نشر عدد أكبر من مراقبي المنظمة"، في المنطقة الأمنية التي تفصل جورجيا عن كل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. مشيراً إلى تطلع روسيا لوجود موفدين أوروبيين من أجل"فرض رقابة على تصرفات القيادة الجورجية الحالية". وشدد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين على التوجه ذاته، عندما قال لصحيفة ألمانية أمس، إن قوة حفظ السلام الروسية ستخرج من المنطقة الأمنية في أراضي جورجيا بعد ضمان الأمن في المنطقة. وأكد أن هدف روسيا يتمثل في ضمان الأمن في تلك المنطقة، وفي المرحلة المقبلة، مساعدة أوسيتيا الجنوبية على تأمين حدودها. في الوقت ذاته لفت بوتين إلى ما وصفه سياسيون غربيون"نيات روسية لشن حروب أخرى"في الفضاء السوفياتي السابق، وخصوصاً منطقة القرم في أوكرانيا حيث أسطول البحر الأسود الروسي، معتبراً أن"الأحاديث التي تشير الى أن هدف روسيا هو شبه جزيرة القرم، استفزازية". غياب ساكاشفيلي عن القمة جاء ذلك فيما أعلن وزير إعادة الاندماج الجورجي تيمور ياكوباشفيلي ان رئيس الوزراء الجورجي لادو غورغينيدزي سيمثل بلاده في القمة الطارئة للاتحاد الأوروبي، ترافقه وزيرة الخارجية ايكا تكيشيلاشفيلي. وأوضحت الناطقة باسم الرئاسة ناتو بارتشالادزي ان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي لن يشارك في هذه القمة المخصصة للأزمة بين روسياوجورجيا. وقال ايكوباشفيلي ان"جورجيا تتوقع ان تقدم إليها هذه القمة مساعدة سياسية واقتصادية". وأضاف ان"المساعدة السياسية تعني عدم الاعتراف الدائم بالأراضي الانفصالية وتقارباً مع الاتحاد الأوروبي... وإجراءات تضع روسيا عند حدها". لكن الوزير الجورجي تدارك انه يعود الى الاتحاد الأوروبي ان يقرر إذا كان سيفرض عقوبات على موسكو. ودعا الوزير المكلف دمج المناطق الانفصالية الجورجية تيمور ياكوباشفيلي الاتحاد الأوروبي الى فرض عقوبات على"النخبة السياسية"الروسية خلال القمة. وأيد الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز اعتراف روسيا باستقلال الإقليمين، مما يجعل فنزويلا ثاني دولة فقط تؤيد موقف موسكو. وأعربت بيلاروسيا، جارة روسيا وحليفتها الوثيقة، عن دعم مماثل. وقال تشافيز ان"روسيا اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. نؤيد روسيا. روسيا محقة وهي تدافع عن مصالحها". ولم يصل تشافيز الى حد إعلان اعتراف فنزويلا بالإقليمين.