سعت السناتور هيلاري كلينتون في الليلة الثانية لمؤتمر الحزب الديموقراطي الأميركي في مدينة دنفر، إلى تبديد مخاوف الديموقراطيين، وتوجهت لمناصريها بخطاب استثنائي وقوي اللهجة، دعتهم فيه إلى الاتحاد خلف"مرشح باراك أوباما"، وعدم"هدر أربع سنوات أخرى واضاعتها" بالتصويت للمرشح الجمهوري جون ماكين، الذي أطلق حملة اعلانية مكثفة لاستقطاب مناصري هيلاري كلينتون المستائين من عدم اختيارها مرشحه لمنصب نائب الرئيس. وتألقت كلينتون في خطابها ليل الثلثاء - الأربعاء، وجعلته نداء استغاثة وتحذيراً صريحاً لمناصريها من التصويت لماكين، الذي اعتبرته توأماً سياسياً للرئيس جورج بوش. وناشدت المرشحة السابقة الديموقراطيين العمل"كحزب واحد ولهدف واحد"، لافتة إلى عمق الخلاف مع الجمهوريين حول السياسات الداخلية والخارجية. جاء الخطاب أمام ما يزيد على 30 ألف مشارك في المؤتمر، وبعد عرض شريط حول سيرة كلينتون الذاتية وأداء مؤثر من المرشحة غدرتها فيه الدموع وقاطعه الحضور أكثر من 15 مرة بالتصفيق. يأتي نداء كلينتون بعد ما عكست استطلاعات الرأي خيبة أمل مناصريها وتراجع التأييد في صفوفهم لأوباما، وانشقاق 30 في المئة منهم عن الولاء الحزبي. وأظهر استطلاع جديد للرأي ان أوباما يتقدم على ماكين في بنسلفانيا ويتعادل معه في أوهايو. وبيّن الاستطلاع الذي أعده معهد"كوينيبياك"الجامعي أيضاً ان ماكين يتقدم على أوباما في فلوريدا التي تعتبر من الجبهات الرئيسة في الاستحقاق المقبل. وحصل أوباما على تأييد 49 في المئة في بنسلفانيا مقابل 42 في المئة لماكين، في حين تقدم ماكين في فلوريدا وحصل على 47 في المئة مقابل 43 في المئة لأوباما. أما في أوهايو، فتعادل المرشحان. وأعطت أرقام استطلاع آخر ماكين الصدارة بنسبة 46 مقابل 44 في المئة للمرشح الديموقراطي. وجاءت هذه الأرقام على عكس النمط التقليدي للمؤتمرات، والقاضي بأن يحقق مرشح الحزب قفزة أثناء المؤتمر. وعزا المراقبون تقدم ماكين الى عامل أساسي في المعادلة الديموقراطية، وهو استياء مناصري هيلاري كلينتون من اختيار بايدن نائباً للرئيس وليس مرشحتهم السابقة. ووظف ماكين هذه المشاعر باطلاق اعلانات تتضمن انتقادات لأوباما لعدم اختياره كلينتون وشهادات من مناصري للسيدة الأولى سابقاً سيصوتون لماكين، وهو ما ساهم في ابقاء الصف الديموقراطي مشتتاً. وبدا الحزب الديموقراطي، على رغم الزخم الشعبي الذي اصطحبه ترشيح أوباما الى المؤتمر، في مأزق انتخابي بسبب الدراما السياسية بين أوباما وكلينتون، وعجز حملة سناتور إيلينويز عن الرد على هجوم ماكين. ورأى المعلق السياسي جيمس كارفيل أن المؤتمر فشل حتى الآن في انتقاد ماكين في شكل مؤثر، واعتبر أن الديموقراطيين وقعوا في الخطأ ذاته الذي ارتكبوه في مؤتمرهم في عام 2004 عند ترشيح جون كيري، عندما لم ينتقدوا بوش في شكل كاف وخصصوا معظم الوقت للحديث عن السيرة الذاتية للمرشح. في مقابل ذلك، أصدر الحزب الجمهوري جدول أعمال مؤتمره الذي ينطلق الاثنين المقبل، وتشارك فيه شخصيات معروفة في الحزب يتقدمها الرئيس جورج بوش وعمدة نيويورك سابقاً رودي جولياني وحاكم كاليفورنيا أرنولد شوازنيغر وقيادات أخرى. كما سيلقي السناتور الديموقراطي السابق والمستقل حالياً جوزيف ليبرمان، المقرب من ماكين، خطاباً في المؤتمر. ومن المستغرب أن نائب الرئيس ديك تشيني لن يشارك في المؤتمر، وهو يتحاشى الظهور في حملة ماكين ، بسبب تدني شعبيته وعلاقته الفاترة مع المرشح.