في ظل ما يحياه الشعب الفلسطيني من حصار وإغلاق واستمرار الجرائم الإسرائيلية بحقه، ومواصلة التخريب والتدمير وقطع إمدادات الوقود والغاز عن غزة، وارتفاع عدد الضحايا من المرضى لأكثر من 180 ضحية نتيجة منعهم من السفر لاستكمال مراحل علاجهم، نبقى بحاجة ماسة إلى إعلام وفاق يهدف إلى وضع حد للمناكفات الإعلامية والسياسية وتوحيد مضامين الخطاب الإعلامي الفلسطيني نحو المصالحة وتهيئة أجواء الحوار الوطني، وضمان الحريات الإعلامية من دون المساس بحقوق الآخرين والتأثير عليهم. فالساحة الفلسطينية السياسية لا تزال تشهد عراكاً عنيفاً ومناكفات بين قطبين رئيسيين، كلٌ له مؤسساته ووسائله الإعلامية الخاصة، فيما تطفو على السطح مصطلحات إعلامية تعمل على إثارة مشاعر الكراهية وتوتير الأجواء وتسميمها واطاحة مبادرات المصالحة والوفاق، فيما أصبحنا نعيش حالة من العبثية الإعلامية، فلكل منا منبر إعلامي خاص يتكلم من خلاله بما يريد ويعلن ما يراه مناسباً وفقاً لمصالحه وسياساته، ما يجعل المشهد الإعلامي الفلسطيني في حالة من التفكك والفرقة والاختراق التي لا تخدم سوى مصالح الأعداء واستراتيجياتهم نحو دفع الواقع الفلسطيني الى مزيد من التفكك والضعف والتفرق، حتى لا تقوى وسائل الإعلام الفلسطينية على الوقوف في وجه العدو. وعلى رغم الدعوات والمبادرات لوقف الحملات الإعلامية التحريضية ومنع استخدام المصطلحات والشعارات التوتيرية، إلا أننا لم نشعر بالتجاوب مع النداءات والمبادرات من قبل بعض وسائل الإعلام، فما زال التحريض مستمراً واستخدام المصطلحات التوتيرية موجوداً بكثرة في بعض وسائل الإعلام التي جعلت من هذه المصطلحات سياسة دائمة لها الأمر الذي ترك تأثيراً سلبياً في الشارع الفلسطيني. إننا نعيش مرحلة دقيقة من مراحل العمل الوطني الفلسطيني، وبحاجة ماسة إلى حالة وفاق بين وسائل إعلامنا، وإلى توحيد الكلمة والخطاب الإعلامي نحو التصالح وتمهيد الأجواء لبدء الحوار الوطني الداخلي لإعادة اللحمة بين الصف الفلسطيني، لذلك يجب وقف الحملات الإعلامية التوتيرية ووقف استخدام المصطلحات والألفاظ التي تثير الكراهية والحقد. والمسؤولية الكبرى تقع على القائمين على وسائل الإعلام ومسؤولي الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية، في إلزام وسائل الإعلام بوقف الحملات التحريضية، والعمل على بث الوحدة والتعاون بين أبناء الشعب الواحد وتهيئة الأجواء للتقارب والحوار وتوحيد وجهات النظر وتدعيم جهود الوفاق والمصالحة. وما يحدث من أزمات فلسطينية سببها الانشقاق الفلسطيني - الفلسطيني، والفرقة بين أبناء الشعب وأقطابه السياسية الأمر الذي أدى إلى تراجع الكثير من القضايا الوطنية المهمة منها الأرض واللاجئين والأسرى، وغيرها من القضايا، بسبب ما يحياه الواقع الفلسطيني من شقاق وفرقة. لقد اصبحت وسائل الإعلام تشكل عبئاً على القضية الفلسطينية بسبب بث الفرقة ونشر الاشاعات والأخبار الكاذبة والهادفة الى دفع الوضع الفلسطيني الى الأسوأ. غسان مصطفى الشامي - بريد الكتروني