ستكون بيروت مساء اليوم على موعد استثنائي مع الموسيقى العالمية التراثية، في قاعة "ميوزك هول" وسط المدينة، حيث ينطلق مهرجان"LIBAN WORLD"بحفلة للموسيقي الكوبي الموهوب روبرتو فونسيكا. المهرجان ينظمه كريم غطاس المرتبط اسمه بحفلات موسيقى الجاز الناجحة في لبنان، من خلال مهرجان"LIBAN JAZZ"، بالتعاون مع المنتج الموسيقي ميشال ألفترياديس صاحب الخبرة الواسعة في عالم موسيقى الشعوب، وصاحب"ميوزك هول"المكان الرائد والمجهّز بأحدث التقنيات لاستقبال أشهر الفنانين المرموقين حول العالم. وحفظ اللبنانيون ممن يهوون الموسيقى والاستمتاع بحفلات حيّة، هذين الاسمين الرائدين في تنظيم الحفلات الموسيقية ليس فقط الناجحة، بل الراقية والتي تحترم الأذن والعقل الموسيقيين. فكريم غطاس المولود في فرنساواللبناني الأصل، عاد الى لبنان منذ حوالى ست سنوات، وأسس مهرجاناً لموسيقى الجاز العالمية، مصراً على تأمين أفضل الظروف لتقديم حفلات لفنانين لا يعرفهم الجمهور إلا من خلال أسطواناتهم أو من أخبار الصحف العالمية. ناضل مهرجان"LIBAN JAZZ"ليستمرّ في أحلك الظروف السياسية والأمنية المتوتّرة، خصوصاً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام 2005. اعتبر البعض أن كريم غطاس مغامر، مراهنين على فشل مشروعه. لكنه تحدّى كل الصعوبات التي اعترضته، وراهن على"روح الشعب اللبناني الحيّوي والعاشق لكل جديد في الفن، والذي لا يشبع من ثقل ثقافته"، بحسب ما قال في دردشة مع"الحياة". انطلق غطاس من مبدأ"في لبنان كل شيء ممكن. لا تنظر الى مستقبلك البعيد، بل لما قد تفعله غداً"، وهي نصيحة قدّمها له أحد الممولين للمشاريع الثقافية في لبنان. ومن هنا لم يُعر الشاب الثلاثيني اهتماماً كبيراً، لعدد المشاركين في الحفلات، أو لبيع البطاقات، أو لعدم قبول فنانين عالميين مثل سيزاريا إيفورا وظافر يوسف وغيرهما إحياء حفلات في مدينة صغيرة بالكاد يعرف اسمها في بلاد الغرب. كان همّه نوعية ورقي الحفلات التي سيقدمها، إضافة الى مضمون هذه الحفلات ونشر وعي ما حول أعمال موسيقية مختلفة من الهند الى إسبانيا الى فرنسا وأميركا وغيرها. لم يختر كريم غطاس الفنانين نسبة الى إسمهم أو نسبة مبيعات أسطواناتهم أو شعبيتهم، فقط. بل كان يُسافر الى بلدان مختلفة ليتأكد بنفسه من أداء هؤلاء الفنانين على خشبات عالمية. وانطلاقاً من هذه التجربة الغنية، قرّر غطاس وألفتريادس، توسيع رقعة الاهتمام بالموسيقى لتشمل ما يُسمى بالموسيقى العالمية التي تجمع بين التراثي والإثني بطريقة حديثة، من دون تشويه الموروث الثقافي. وبحسب ألفترياديس، فجمهور هذا النوع من الموسيقى واسع في لبنان، حيث انتشر في الثمانينات من القرن الماضي. وسيقدّم المهرجان 4 حفلات في السنة، لرواد هذه الموسيقى، بالتوازي مع 6 حفلات تقدّم ضمن مهرجان"LIBAN WORLD". ويأتي هذا التوزيع للحفلات على مدار السنة وعدم حصرها في نوع واحد شامل، من ميزات المهرجانين اللذين يتوجهان للجمهور المحلي وليس للمصطافين أو المغتربين. وبالنسبة إلى التمويل الذي تشكو منه غالبية منظمي المهرجانات الثقافية، فيقول غطاس أنه صعب لكنه ليس مستحيلاً. ولفت الى أن من أهم المبادئ التي يتّبعها للحصول على تمويل،"أن يكون المموّل شريكاً حقيقياً ومقتنعاً بهدف مشروعنا والدفاع عن أفكارنا في نشر الوعي الموسيقي وإمتاع الناس بحفلات ثقافية راقية". أما عن الربح؟ فيؤكد غطاس أنه لو لم يكن هذا المجال مربحاً في الحدّ الأدنى، لما استمر مهرجان"LIBAN JAZZ". أما روبرتو فونسيكا نجم حفلة الليلة، فيعتبر أحد الموسيقيين الشباب الأكثر موهبة، في كوبا في الفترة الاخيرة، كما يُعتبر وريث الفنان الأسطوري روبن غونزاليس على البيانو في فرقة أو نادي"بوينا فيستا". وهذه الفرقة التي ينتمي إليها فونسيكا هي في طليعة الفرق التي أعطت الموسيقى الكوبية حقّها. وتأسس نادي"بوينا فيستا الاجتماعي"العريق، في أواسط تسعينات القرن الماضي، بجهد من الموسيقي الأميركي الشهير راي كودر الذي زار كوبا لجمع الموهوبين في تقديم الموسيقى الكوبية من عازفين ومغنين، في وقت عصيب تمرّ فيه الجزيرة. وبعد تسجيل أول ألبوم حمل اسم النادي في عام 1997، وصلت الموسيقى الكوبية الى العالمية، خصوصاً أن الألبوم نال جوائز عدّة منها جائزة"غرامي"للموسيقى. وروبرتو فونسيكا العضو في هذا النادي والذي عزف 3 سنوات برفقة روبن غونزاليس في الفرقة، يمتلك صوتاً فريداً وأسلوباً عاطفياً قوياً يعتمد في تأليفه على الجاز، والموسيقى الكلاسيكية، والموسيقى الكوبية التقليدية، اضافة الى الارث الافرو- كوبي. انطلق في مسيرته الفردية في شباط فبراير 2007 مع ألبومه"زامازو". وحقق هذا الالبوم نجاحاً باهراً، ونال إعجاب النقاد والجمهور على حد سواء في معظم أنحاء العالم. وبصفته عازف بيانو تحت ادارة ابراهيم فيرير، جال فونسيكا حول العالم عازفاً في أكثر من 400 حفلة موسيقية. ولم يتوانَ أي مقال كتب حول هذه الحفلات، من جنوب أميركا وشمالها الى أوروبا وآسيا، عن ذكر موهبة فونسيكا وحضوره المميز على المسرح. قبل وفاة ابراهيم في آب 2005، قام بانتاج ألبوم ابراهيم الاخير، الذي أطلق في آذار 2007 تحت شعار تسجيلات"وورلد سيركويت". ورُشح الالبوم الذي يحمل اسم"مي سوينيو"حلمي في العام 2007 لجائزة غرامي اللاتينية عن فئة أفضل ألبوم تقليدي استوائي.