أظهرت إحصاءات صدرت عن "منظمة الصحة العالمية" أخيراً، أن لبنان يحتل المرتبة الرابعة في قائمة البلدان المستهلكة لمنتجات التبغ الأميركية، على رغم أن عدد سكانه يقدر بنحو 3.3 مليون نسمة. ويدخن أكثر من 60 في المئة من اللبنانيين قرابة 3300 سيجارة معدلاً سنوياً للفرد. وفي بيان مشترك، عزت"الجمعية الفرنسية - اللبنانية للأمراض الصدرية"، و"نقابة الأطباء في لبنان"هذه الأرقام المرتفعة إلى عناصر يأتي في مقدمتها توافر السجائر بأسعار مغرية تبدأ من 1000 ليرة 0.60 سنت للعلبة ذات العشرين سيجارة. وكذلك تغيب الرقابة لبنانياً عن الإعلانات المخصصة لترويج السجائر، بحيث باتت الأكثر إنتشاراً على لوحات الإعلانات على الطرقات السريعة، وكذلك الأمر بالنسبة الى وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة. ويعتبر مناصرو مكافحة التدخين أن لا فائدة من التحذير من مضار التدخين الذي يُرافق هذه الإعلانات في شكل إلزامي لإنه بالكاد يسلط الضوء على المخاطر الحقيقية الناجمة عن هذه العادة المميتة. "يتسبب التدخين بوفاة 1288 شخصاً يومياً، ويخسر المدخنون معدّل 14 سنة من حياتهم". هذا ما رددته الدكتورة زينة عون، أختصاصية أمراض الرئة في مستشفى"أوتيل ديو"في بيروت، ورئيسة"مجلس مكافحة التدخين"التابع لپ"الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية"، خلال عقد المؤتمر السنوي للجمعية أخيراً. وأشارت عون إلى أن الضرر الحقيقي الناجم عن التدخين ينبع من المواد المُضافة إلى التبغ كالأسيتون والبيوتان وأول أكسيد الكربون. وأشارت الى أن تلك المواد تتوافر أيضاً في بطاريات السيارات، والمواد المزيلة للطلاء، ومبيدات النمل! وبيّنت أن تدخين السجائر التي تحتوي على نسبة متدنية من النيكوتين لا يخفض خطورة التبغ كما يدّعي البعض. وتقول:"إن لم يؤد النيكوتين الى الإصابة بأمراض سرطانية، فسيؤدي حتماً إلى الإدمان، وإصفرار الأسنان، وظهور التجاعيد في سن مبكرة، لا سيما في المنطقة المحيطة بالفم". وشدّدت على مشكلة"التدخين السلبي"Passive Smoking التي باتت منتشرة لبنانياً إلى حدّ أنها اعتبرتها"من عوامل تلوّث الهواء"المنتشر في شكل رهيب في لبنان لدرجة ويطلق مصطلح"التدخين السلبي"على تنشّق غير المُدخنين ما يصدر من السجائر من أدخنة وملوّثات. ومن بين الآثار السلبية لهذا النوع من التدخين السلبي، أوردت عون زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 30 في المئة، وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 35 في المئة وتفاقم بعض الأمراض التنفسية مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن. وفي سياق متصل، علّق الدكتور وجدي ابي صالح، رئيس"الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية"على الأمر بالقول إن"استهلاك التبغ يعتبر العامل الرئيس لتفاقم الأمراض الرئوية الرئيسة، إن لم يكن السبب الرئيسي لهذه الأمراض. لذا علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لمكافحة التدخين". وأشار الى الكلفة المالية الضخمة التي تترتب على علاج تلك المشاكل الصحية، والأعباء التي تلقيها على المجتمع وأنظمة الرعاية الصحية.وذكر أنّ 83 في المئة من المدخنين يسكنون في البلدان النامية، حيث ما زال معظمهم يدخّن بحرية مطلقة قرب غير المدخنين، ما يؤثر سلباً في صحتهم وعافيتهم. وبالنسبة الى الطرق التي يمكن اتّباعها لتخفيف نزعة التدخين السائدة في لبنان، إقترحت عون أن يبدأ الناس في منازلهم بإزالة الصواني التقليدية الكبيرة التي تحتوي على أنواع متعددة من السجائر وسيلة للترحيب بالزوار. "لا داعي لأن تدمر الضيافة اللبنانية رئتي الزوار. يمكن أن يُطلب بلطف من الأصدقاء المدخنين التدخين في الهواء الطلق من سجائرهم الخاصة". وطالب أبي صالح الحكومة بأن تتحمّل مسؤولياتها في هذا المجال بمنع إعلانات التبغ والسجائر"إن لم يكن في شكل كلي ومطلق، فعلى الأقل عبر المحطات الإذاعية والتلفزيونية وعلى مقربة من المدارس حيث هناك حاجة ماسة إلى نشر التعاليم المناهضة للتبغ والتدخين". وأشار أيضاً إلى الحاجة لفرض ضرائب أكثر ارتفاعاً على السجائر، والحصول على تأييد شعبي أكبر لمكافحة التدخين، وتأمين المشاركة الإعلامية الفعالة في تلك الجهود. وسلّط الضوء على القوانين الأميركية التي تُغرّم شركات التبغ الكبرى في الولاياتالمتحدة، في حين تمنحها الحرية المطلقة لتسويق منتجاتها في بلدان أخرى حيث تشهد نسب التدخين ارتفاعاً مما يؤدي إلى الإصابة بسلسلة من المشاكل الصحية وارتفاع معدل الوفيات. يذكر أن الحكومة اللبنانية أصدرت قانوناً منذ خمس سنوات يفرض على علب السجائر أن تحمل عبارة تحذيرية هي"وزارة الصحة تحذٍّر: التدخين يؤدي إلى أمراض خطيرة ومميتة". كما فرض القانون على الإعلانات المنشورة في الصحف والمجلات، والمعروضة في الأفلام، وعلى شاشة التلفزيون واللوحات الإعلانية أن تخصص 15 في المئة من مساحة الإعلان لنشر ذلك التحذير عينه.