"التدخين ممنوع" عبارة نراها بكل اللغات وبالرموز أيضاً... ولكن من يتقيّد بها فعلاً؟ حملات منع التدخين والنصائح المضادة له والتي تحملها علب السجائر في كل أنحاء العالم، لا تمنع المدخّن المرّ من أن يسحب سيجارة ويدخّنها، بينما ينظر إلى إرشاد على غرار: "وزراة الصحة تحذر: التدخين يؤدي إلى أمراض خطيرة ومميتة". هناك مراهقون يدخّنون خلسة عن أهلهم. وفي المقابل، هناك أهل يعتقدون أن تدخين المراهق مجرّد نزوة عابرة يتخلّى عنها في وقت لاحق، فيرضخون للأمر الواقع. ومع تفاقم المشكلات الاجتماعية في أوساط الشباب ممنوعات، عنف، تهوّر...، يظنّ بعض الشباب أن مخاطر التدخين على الصحة أقل مما يواجهونه من مصاعب وأزمات. التبغ مادة تؤدّي إلى الادمان. ولا "يصحو" المدمن من "سباته" إلاّ بالإرادة أو ببعض العلاجات الناجعة نظرياً، لأنها تفشل حالما "تعنّ" السيجارة على البال. والأثر السلبي للتدخين يبدأ بالظهور في عمر مبكّر. ويُترجم عند بعض المدخنين المراهقين قصوراً في نمو الرئتين وعملهما، وكذلك يؤدي الى ظهور أول أعراض الأمراض القلبية. وتفيد دراسات نشرت في غير مجلة أميركية بأن التدخين يسبب القلق والإحباط ويزيد من مستويات التوتّر لدى المراهقين عند الافراط به. وتلاحظ الدراسات عينها أن المراهق الذي يدخّن علبة سجائر في اليوم على الأقل يتعرّض أكثر من غيره لنوبات ذعر ولرهاب الخلاء والقلق الدائم. ويصاب المراهقون بإدمان النيكوتين حتى قبل أن يتحوّل إلى عادة يومية. ويشير إحصاء رسمي شامل أجري في فرنسا عام 1999 إلى أن 90 في المئة من البالغين المدخنين بدأوا التدخين خلسة عن ذويهم قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر. وهؤلاء معرّضون للإصابة بالربو مرة ونصف المرة أكثر من غيرهم. وإذا كان ذووهم من المدخنين تزيد نسبة إصابتهم بالتهاب الشعب الهوائية بنسبة 70 في المئة، بسبب "التدخين السلبي" تنشق الدخان المتصاعد من سجائر الأهل. وتطبّق اليوم طرق عدة على البالغين المدخنين للإقلاع عن التدخين من خلال أدوية وعقاقير ولصاقات، ولكنها بمعظمها لا تصحّ للمراهقين. فلصاقات النيكوتين لم تنجح إلاّ لدى 5 في المئة منهم فقط. وتركّز برامج الاقلاع عن التدخين للمراهقين على العلاج النفسي لكشف أسباب لجوئهم إلى السجائر، وعلى طرق معالجة التوتر والقلق كالتنفّس العميق واليوغا والتأمل والشرح المسهب لمخاطر التدخين المدمّرة، إضافة إلى متابعة المراهق لفترة طويلة للتأكّد من تخلّصه من الإدمان على النيكوتين. أما البرامج الأكثر نجاحاً فهي تلك التي تقوم على محاولة تحسين سلوك المراهق وتهتم بعلاقته مع أهله وتلفت انتباهه إلى نشاطات أخرى كالرياضة وتعريفه الى تجارب مدخنين سابقين.