لن يطول الأمر وتنفجر أزمة الصحافة في فرنسا. فخطط التقديمات الاجتماعية المتكررة ترهق الصحف اليومية التي تفشل في تحقيق توازن بين الاستثمار والدخل. وفي 2007، بلغت المبيعات 383559 إصداراً ليوم واحد، ومجموع مبيعات صحف"فيغارو"و"لوموند"و"ليبيراسيون"و"لي ز إيكو"و"لا تريبون"، بلغ ما كانت تحققه صحيفة"فرانس سوار"، منذ 25 سنة. والأرقام إلى هبوط منذ مطلع 2008، جراء سبق الصحف المجانية والإنترنت، وتدني الدخل من الإعلانات والمبيع. ولم تنتظر الأزمة ظهور الإنترنت. فتوقفت دوريات"باري برس"و"لورور"و"ماتان دو باري"و"كوتيديان دو باري"عن الصدور، وعانت"فرانس سوار"احتضاراً بطيئاً. وتكاليف إنتاج الصحف الفرنسية هي الأعلى في العالم. فالتقديمات الاجتماعية تضطلع لدور راجح في تحسين الأجور وأحوال الموظفين، ما قلّص عدد الأجراء في"فيغارو"إلى 185، و"لوموند"إلى 250، وعدداً من موظفي التعاقد نسبتهم 25 في المئة. وتبلغ رواتبهم الأساسية 46 ألف يورو سنوياً للعمال، و76 ألف يورو للكوادر. ويعيّن أجيران لوظيفة شاغرة واحدة. وبالمقارنة، تبلغ تكاليف طباعة الصحف اليومية المجانية نصف تكاليف الصحافة، لأن موظفي النوع الأول قبلوا بتقليص عددهم خشية ضياع فرصهم. والتوزيع يرتب أعباءً. وتتولاه شركة خاصة تتوخى الربح، من جهة، وتلبي خدمة عامة، من جهة أخرى. وإذا تجاوزت المرتجعات نسبة 21 في المئة من إجمالي المبيعات، تسدد اليومية نحو 70 في المئة من تكلفة الشحن، لقاء كل العدد المرتجع الإضافي. وهذا الأمر أجبر الصحف على الاكتفاء بثلث نقاط التوزيع. وينبغي إعادة النظر في تكاليف التحرير. فبعض الصحافيين ينعمون بأحد عشر أسبوعاً من الإجازات المدفوعة، و20 يوماً إضافياً بتعرفة اضافية، في حين يضطر مراسلون كبار إلى ترك العمل الميداني، والانخراط في تدرّج وظيفي، حفاظاً على راتب مقبول. والنظام العام يفضي إلى مأزق. فإنتاج الصحف باهظ ومحتواها التحريري فقير، ولا تتوافر في كل مكان لمن يريد شراءها. ولا مفر في سبيل فك احتكار النقابات التوظيف من تولي الصحف تدبير شؤونها وإدارتها بنفسها، وتوكيل مهمة التوزيع إلى مؤسسات خاصة أو نصف عامة، كالبريد. وعليها رفض مساعدات الدولة، والاحتذاء على السينما الفرنسية المزدهرة، واقتطاع مبالغ من الجهات التي كان ظهورها سبباً في التضييق على السينما وخسارتها كالتلفزيون، لتمويلها. وأما المساعدات، فينبغي أن تسهم في إطلاق مشاريع جديدة ومواقع إنترنت، وملاحق. وعلى الصحف اليومية أيضاً أن تعوّل على دعم قرّائها، فتعفى المبالغ التي يساهمون بها من الضرائب. عن إيمانويل شفارتزنبيرغ، "ليبيراسيون" الفرنسية، 29/4/2008