لوّحت موسكو مجدداً برد قوي على خطط واشنطن نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، وهددت بالتراجع عن اقتراحاتها للتعاون مع الأميركيين في مجال مواجهة التهديدات الصاروخية، إذا صمموا على المضي في مشروعهم بمفردهم. وتزامنت عودة السجال الروسي - الأميركي مع تحركات أوكرانية وجورجية من شأنها ان تثير استياء موسكو. وعاد مسؤولون عسكريون روس إلى استخدام لغة التلويح والتحذير في الخلاف على نشر الدرع الصاروخية، مذكرين بأن التغيير على رأس هرم السلطة في روسيا لن يسفر عن تبدل مواقفها حيال الملفات الأساسية المطروحة، وفي مقدمها مشروع نشر"الدرع"الأميركية في أوروبا الشرقية. ووصف مسؤول عسكري روسي رفيع أمس، المشروع الاميركي بأنه يشكل تهديداً مباشراً لأمن روسيا، وأوضح أن"الدرع"الأميركية التي تشتمل على منظومات صاروخية وشبكة رادار متطورة، ستتحول في حال نشرها الى"شبكة عالمية قرب الحدود الروسية". وفي أول تصريح لمسؤول عسكري كبير منذ انتخاب الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، قال نائب مدير الإدارة العامة للتعاون العسكري في وزارة الدفاع الروسية الجنرال يفغيني بوجينسكي إن بلاده تعدّ"لرد متكافئ وقوي"لحماية أمنها الإستراتيجي، في حال أصرت واشنطن على المضي في مشروعها. وذكر الجنرال الروسي أن بلاده ترى أن الحجج التي تقدمها الولاياتالمتحدة لنشر درعها الصاروخية قرب الحدود الروسية"غير مقنعة"، علما أن واشنطن تؤكد أن خططها تهدف إلى مواجهة"الخطر الصاروخي الإيراني والكوري الشمالي على أوروبا". لكن الخبراء الروس يشددون على أن معطياتهم تؤكد عدم امتلاك طهران أنظمة صاروخية قادرة على الوصول إلى أوروبا. واللافت في حديث المسؤول العسكري أنه هدد للمرة الأولى أمس بأن توقف روسيا تعاونها مع الأميركيين في مجال مواجهة التهديدات التي تستهدف أوروبا، بما في ذلك على صعيد الاقتراح الروسي بفتح محطة رادار"غابالا"الروسية المتطورة تقع في أراضي أذربيجان للاستخدام المشترك مع الأميركيين، إذ قال بوجينسكي أمس إن بلاده ستسحب اقتراحها إذا واصلت واشنطن تنفيذ خطتها. وكانت واشنطن رحبت بالاقتراح الروسي، لكنها اعتربته مكملاً لمشروع الدرع الصاروخية في حين تصر موسكو على أنه بديل من المشروع الأميركي. وتزامنت عودة السجالات بين موسكووواشنطن حول الدرع الصاروخية مع تصاعد وتيرة تحركات جارتي روسياأوكرانياوجورجيا الساعيتين إلى التقارب مع الغرب والحد من النفوذ الروسي الاقليمي، إذ جدد الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو أمس، طلب بلاده الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ودعا بلدان الحلف إلى تبني قرار يتيح لأوكرانيا الانضمام إلى خطة تأهيل تسرّع عملية دمجها في الحلف الغربي. وكانت واشنطن اقترحت تبني هذا القرار خلال قمة الحلف الأخيرة، لكن اعتراضات موسكو وتحفظ بعض دول الحلف أدت إلى تأجيل البت في المسألة إلى القمة المقبلة، علما أن موسكو تعتبر توسيع الحلف شرقاً"إحكاماً للطوق العسكري الغربي حولها". في الوقت ذاته، صعدت جورجيا التي تخوض مواجهة ساخنة مع الروس لإجبارهم على سحب قواتهم من منطقة النزاع الجورجي - الأبخازي تحركاتها أمس مستغلة صدور تقرير مراقبي الأممالمتحدة الذي حمّل موسكو مسؤولية إسقاط طائرة تجسس جورجية فوق أبخازيا الشهر الماضي، واستدعت الخارجية الجورجية السفير الروسي لدى تبليسي وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة طالبت فيها موسكو بدفع تعويضات عن الطائرة العسكرية. وتحدث سياسيون جورجيون أمس عن أن"الوقت حان لإجبار موسكو على سحب قواتها من المنطقة"، وأشار البعض إلى نية جورجيا اللجوء إلى الأممالمتحدة لاستصدار قرار ضد موسكو، علماً أن الروس نفوا صحة معطيات التقرير الدولي وأصر عسكريون روس على أن القوات الأبخازية أسقطت الطائرة الجورجية وأربع طائرات مماثلة خلال الشهر الماضي، بالاعتماد على القدرات الذاتية للجمهورية الانفصالية. الى ذلك، اعلنت المعارضة الجورجية أمس تخليها عن المقاعد النيابية التي فازت بها في الانتخابات التي أجريت الأسبوع الماضي، احتجاجاً على"تزوير النتائج". صوأكد زعيم كتلة"المعارضة الموحدة"الجورجية ليفان غاتشيتشيلادزه أن المعارضة لن تعترف بالبرلمان الذي"شكله الرئيس على هواه"، لكنه استبعد اللجوء إلى العنف في تحركات المعارضة المتواصلة منذ يومين.