أعلنت جورجيا نيتها اللجوء إلى القضاء الدولي لمعاقبة روسيا على "دعم الانفصاليين" في أبخازيا، فيما تحدثت تقارير عن توجه الروس الى الاعتراف باستقلال الإقليم الانفصالي في حال انضمت جورجيا إلى حلف الأطلسي. في غضون ذلك، سارت واشنطن خطوة إضافية على طريق تعميق الخلاف مع موسكو في شأن الدرع الصاروخية الأميركية المزمع نشرها في شرق أوروبا، بعدما أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش عزم بلاده على المساهمة في تعزيز قدرات بولندا العسكرية، استجابة لشرط وضعته وارسو للموافقة على المشروع الأميركي. واتجهت العلاقات الروسية الجورجية إلى مزيد من التعقيد بعد حلحلة موقتة أسهمت فيها زيارة الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي لموسكو قبل أسابيع، وعاد التوتر بقوة خلال اليومين الماضيين، بعدما أعلنت موسكو رفع الحظر التجاري الاقتصادي المفروض على إقليم أبخازيا الساعي إلى الانفصال عن جورجيا، ما اعتبره الجورجيون"نصف اعتراف"باستقلال الإقليم المعلن من طرف واحد منذ سنوات، و"تمهيداً لخطوة أكبر"خلال المرحلة المقبلة. وبدا أن تبليسي تتجه نحو الاستعانة بمؤسسات دولية من أجل"معاقبة"موسكو، كما دل إعلان لجنة برلمانية جورجية عن اللجوء إلى محكمة ستراسبورغ لمقاضاة روسيا وطلب"تعويضات عن الخسائر الجورجية بسبب سياسة موسكو الداعمة للانفصاليين". وقدر برلمانيون قيمة التعويضات المطلوبة بنحو عشرين بليون دولار منها خمسة بلايين هي قيمة ممتلكات اللاجئين الجورجيين الذين غادروا الإقليم، والبقية تعويضات لحكومة جورجيا على خسائرها هناك. وعلى رغم اللهجة القوية التي ميزت مواقف المسؤولين الجورجيين ضد موسكو فان أوساطاً روسية رأت في التحرك بداية لعقد"صفقة كبرى"يتم من خلالها مبادلة استقلال الإقليم بتعويضات مادية، خصوصاً بعدما سرب الكرملين أمس أن ساكاشفيلي كان على علم مسبق بقرار موسكو رفع الحظر التجاري المفروض على أبخازيا. ورأى أصحاب هذا الرأي أن تبليسي لن يكون في وسعها تعطيل استقلال الإقليم واعتراف روسيا ودول أخرى تكللت مساعيها للانضمام إلى حلف الأطلسي بالنجاح، لأن غالبية سكان الإقليم الانفصالي يحملون الجنسيات الروسية ويعارضون مساعي جورجيا للانضمام الى الحلف الغربي. وتزامن ذلك مع تلويح جهات في روسيا بأن الاعتراف باستقلال الإقليم سيكون أحد عناصر الرد الروسي على خطط توسيع الحلف التي تعارضها موسكو بقوة. ومع تطورات الوضع على الحدود الجنوبية لروسيا حملت الأنباء الواردة من وراء المحيط تطوراً مزعجاً بالنسبة الى الروس، بعدما أعلن بوش موافقته على أحد أبرز شروط وارسو لنشر الدرع الصاروخية في بولندا، إذ صرح بعد لقائه رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عن استعداد واشنطن لمساعدة بلاده في تعزيز قدراتها العسكرية وتطوير قواتها المسلحة. وقال إن واشنطن"تتفهم أهمية ذلك بالنسبة للبولنديين"، متعهدا الانتهاء من وضع دراسة شاملة لاحتياجات القوات البولندية قبل حلول موعد مغادرته البيت الأبيض. وأشار بوش إلى أن المهم في الخطة التي قال خبراء أميركيون إن إنجازها سيستغرق بضعة أشهر أن تكون"محددة وواقعية"، علماً أن البولنديين يطالبون واشنطن بتعزيز قدراتهم العسكرية وتزويدهم ب17 نظاماً متطوراً غالبيتها في مجالات الدفاع الجوي. وعلى رغم أن الرئيس الأميركي أكد عدم الربط بين مشروع الدرع الصاروخية و"مساعدة شركائنا في تطوير قدراتهم"، فان وارسو لم تخف ارتياحها لموافقة الأميركيين على تلبية"حاجاتها"كما قال توسك، وهي إضافة إلى المساعدات العسكرية: تقديم ضمانات إلى البولنديين بأن المشروع الأميركي لن يعرض بلادهم للخطر، وهو ما شدد عليه بوش خلال اللقاء أكثر من مرة، علما أن غالبية البولنديين يعارضون نشر الدرع الصاروخية في بلادهم كما دلت الاستطلاعات.