سياسة الإغاثة وديبلوماسيتها على المحك ببكين. فالسلطات الشيوعية الصينية استجابت لأسوأ زلزال يصيب الصين منذ ثلاثين عاماً بإجراءات سريعة ملحوظة، وبانفتاح غير معهود من قبل. فغداة الزلزال مباشرة، كان رئيس الحكومة، وِنْ جياباو، يشرف على إسعاف الأماكن المنكوبة. وتبعه، في اليوم التالي، الرئيس هو جينتاو. وهذا فتح، في المقارنة مع ماوتسي تونغ، زعيم الحزب الحاكم، في 1976، فيومها أنكر الزعيم الشيوعي وقوع الزلزال برمته، وأنكر مقتل 240 الف ضحية جراءه، طوال أشهر. فقبل ثلاثة أشهر على افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، وبعد السجالات التي أثارتها حوادث التيبت وانتقال الشعلة الأولمبية في خضم اضطرابات مشهودة، أدركت السلطات أن على المسؤولين الظهور بمظهر من يتحملون المسؤولية، ويضطلعون بالقدرة على معالجة نتائج كارثة طبيعية، والاتصاف بصفات إنسانية وفاعلة. وقارن أحد متصفحي الانترنت الصينيين بين إسراع المسؤولين الصينيين الى رعاية المنكوبين وبين تباطؤ جورج بوش إبان إعصار"كاترينا"وهبوبه على نيو أورلينز، وحرض هو جينتاو ووِنْ جياباو على الظهور في الصور وهما يواسيان الأطفال بين الأنقاض، على نحو ما يفعل المسؤولون الغربيون في ظرف مثل هذا الظرف. فهما تعمدا القرب من الشعب في معاناته، إدراكاً منهما لدور هذه النهج في الميزان السياسي، وفي الرأي في قيامهما بمسؤوليات الإعمار الضخمة المنتظرة. والصين ليست ديموقراطية، ولكنها ليست بورما كذلك. فالرأي العام الصيني حقيقة واقعة، وعلى الحكام احتساب أحكامه ومشاعره. والزلزال سلط الضوء على ثغر يحاول الفريق الحاكم معالجتها، مثل الفجوة بين فقر مناطق البلاد الوسطى وثراء البلاد الساحلية الفاقع، أو الفساد الذي أدى الى انهيار المدارس المبنية على خلاف المعايير الواجبة، وإدقاع الفلاحين، وتردي البيئة... وحفاظ الحزب الحاكم على مشروعيته يقتضي مبادرة الحزب والجيش الى تعبئتهما من غير تباطؤ في أعمال، إنقاذ سيشوان. وعشية الألعاب الأولمبية، وغداة ازمتي التيبت ودارفور، أرادت بكين إظهار انفتاحها على مرأى من المجتمع الدولي، فاستقبلت الإسعافات الأولية، ورحبت بفرق المسعفين. وكانت طلائعهم من تايوان واليابان، وهما بلدان بينهما وبين الصين تحفظ ديبلوماسي غير خفي. ويتمتع البلدان بخبرة عريضة في مجال الإغاثة من الزلازل. فخالفت بورما التي أبقى حكمها العسكري أبواب البلد موصدة بوجه الإغاثة الدولية، ولم يتهيب التبعة عن الجريمة. ولعل في مستطاع الحكم الصيني، بعد أن أثبت مرونته واضطلاعه بالمسؤولية، حمل جنرالات رانغون على تحمل مسؤولية إغاثة مواطنيهم بدورهم، والامتناع من الحؤول دون تولي المجتمع الدولي المسؤوليات هذه. عن بيار روسلان،"لوفيغارو"الفرنسية، 17/5/2008