مع بدء جولة الرئيس الاميركي جورج بوش في الشرق الاوسط تتجه الانظار الى المحادثات التي سيجريها في المملكة العربية السعودية وتركزها، اضافة الى الاوضاع في الشرق الاوسط والخليج، على مستقبل الصادرات النفطية الى الولاياتالمتحدة التي تستورد ما معدله 13.15 مليون برميل نفط يومياً، من بينها 2.2 مليون برميل يومياً من دول الخليج 17 في المئة لسد النقص في استهلاكها البالغ 20.8 مليون برميل يومياً. ومع ان مشكلة النفط ووارداته الخارجية لم تحظ بالاهمية الكافية في حملة انتخابات الرئاسة الاميركية الحالية الا انها كانت مدار اهتمام كبير بين المرشحين الذين وعدوا، منذ الرئيس ريتشارد نيكسون بعد الصدمة النفطية الاولى في بداية السبعينات، في خفض الاعتماد على النفط المستورد. واكثر ما يثير الاهتمام الاميركي حالياً ارتفاع سعر الخام من نحو 26 دولاراً للبرميل قبل الغزو العراقي العام 2003 الى حدود 126 دولاراً حالياً، ما رفع قيمة فاتورة الواردات النفطية الاميركية باكثر من اربعة اضعاف كما قد يرتفع الى ستة اضعاف او اكثر اذا بلغ سعر البرميل 200 دولار في نهاية السنة 2009. ومع محطتين اميركيتين بارزتين للرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيديرالي الاميركي الان غرينسبان والسناتور الجمهوري جون ماكين في الاعتراف بان غزو العراق كان وراءه النفط، لم يصدر عن ادارة الرئيس بوش اي اقرار فعلي بان الحملة على العراق كا يمكن ان تسمى"حرب النفط". وما يشغل بال الادارات الاميركية المتعاقبة ان الدول الآسيوية، وفي طليعتها الصين اصبحت تنافس على الواردات الخليجية. اذ ان الدول الآسيوية اصبحت تستورد نصف الصادرات السعودية من النفط الخام البالغة 8.9 مليون برميل يومياً. وتتمتع دول الخليج وايران باهمية احتياطها الهائل في مجالات الطاقة اذ يبلغ حجم الاحتياط السعودي المثبت نحو 270 بليون برميل والعراق 112 بليوناً والامارات 97 بليوناً ومثله في الكويت، في حين تقول ايران انها تملك احتياطاً تقدره بنحو 132 بليون برميل، وفق ما ورد في موقع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وكانت الولاياتالمتحدة استوردت العام 1973 نسبة 33 في المئة من حاجاتها النفطية ووصلت النسبة الى 60 في المئة حالياً ومن المنتظر ان ترتفع الى 70 في المئة السنة 2020. ولم يستطع المسؤولون الاميركيون حتى الآن مواجهة المشكلة واكتفوا باطلاق شعار"عدم الاعتماد على الطاقة المستوردة"عبر بدء انتاج الطاقة الحيوية، لكن اي سياسي اميركي لم يجرؤ على توجيه الاميركيين الى التوفير في الطاقة المستهلكة. وفي احصاءات دولية نُشرت عن الاستهلاك العالمي تبين ان استهلاك الصين من النفط تضاعف الى المثلين بين 1994 و2003 وسيتضاعف مرتين السنة 2010، وهو يمثل حالياً نحو سبعة ملايين برميل يومياً يتأمن منه نحو 3.19 مليون برميل من الواردات. وتعتقد وكالة الطاقة الدولية بان الاستهلاك الدولي من النفط سيكون اعلى بنسبة 50 في المئة في السنة 2030 يجب ان تؤمنه، بالدرجة الاولى، دول الخليج. واكثر ما يُؤرق العالم حالياً انه اذا اتجهت الصين والهند 2.5 بليون نسمة الى السماح لسكانهما بالاكل وامتلاك سيارات وفق الاسلوب الاميركي في استهلاك الطاقة والغذاء سيواجه العالم مشكلة لن يستطيع مواجهتها على الاطلاق. وعلى سبيل المثال لا يملك سوى 10 اشخاص من كل الف صيني سيارات، مقابل 480 سيارة لكل الف في الولاياتالمتحدة. ويعتقد معهد"ماكنزي غلوبال"للدراسات ان حاجة الولاياتالمتحدة الى النفط، خصوصاً من منطقة الخليج سيحتم عليها اتباع"سياسة استقرار ومصالحة"في منطقة الخليج، خصوصاً مع ايران. ما يعني ان الرئيس الاميركي المقبل سيحاول احتواء طهران ما قد يُساهم في حلحلة الموقف في العراق وما قد يلغي العقوبات الدولية على الاستثمارات الدولية في ايران ويؤمن تدفقاً سلساً لصادرات الطاقة من الخليج الى الاسواق العالمية وفي طليعتها الاسواق الاميركية.