تستعد صناعة النفط الكندية لرفع انتاجها المحلي من الخام بنسبة تناهز عشرة في المئة في السنة الجارية. وتساهم في هذه الزيادة آبار النفط الخفيف البحرية الواقعة قبالة الساحل الشرقي لكندا وآبار النفط الثقيل البرية التي تشهد طفرة في أعمال التوسعة والمشاريع الجديدة بمشاركة عدد من الشركات الدولية بينها "اكسون-موبيل" و"شل" و"شيفرون". وذكرت مصادر في الهيئة الكندية للطاقة ل"الحياة" أن الحقول البحرية وآبار النفط الثقيل ستُساهم مجتمعة في إضافة نحو 110 آلاف برميل يوميا ليرتفع بذلك متوسط اجمالي الانتاج المحلي الى 2.2 مليون برميل يوميا. وتشكل هذه الأرقام الحدث الأهم في التقرير السنوي الجديد الذي تستعد الهيئة لإصداره في وقت لاحق من الشهر. وأوضحت المصادر أن نحو 50 في المئة من الزيادة المتوقعة في الانتاج ستأتي من مشروع هيبرنيا البحري الذي بدأ تشغيله أواخر 1997 بمعدل يومي لايزيد على 20 ألف برميل لكن انتاجه ارتفع تدريجاً الى 65 ألف برميل يومياً عام 1998 ويتوقع أن يبلغ في السنة الجارية نحو 150 ألف برميل يومياً مع توافر امكانات لزيادة مستقبلية. وقال رئيس اللجنة التنفيذية المكلفة ادارة مشروع هيبرنيا أندرو آدمز أن تجارب فنية أجريت في الشهرين الأخيرين من العام الماضي أثبتت استعداد الحقل للانتاج بمعدل يزيد قليلا على 150 ألف برميل يوميا وتوقع تبني هذا المستوى من الانتاج في السنة الجارية. ويُشار الى أن الحقل ينتج خاماً شبيها بخام القياس "برنت" ولا يشكل رقم 150 ألف برميل يومياً تطوراً جديداً اذ يدخل في صميم خطة تطوير المشروع الا أن آدمز أكد النية في العمل "على زيادة الانتاج الى أقصى حد ممكن"، مشيراً الى إدخال تعديلات على المنصة البحرية تتيح رفع الانتاج الى 180 ألف برميل يومياً في موعد لاحق لم يحدده. وجاءت هذه التأكيدات على خلفية تقارير ذكرت أن القائمين على المشروع يستعدون لإصدار تعديلات مهمة من شأنها رفع تقديرات حجم الاحتياط القابل للاستخراج من 615 مليون برميل في الوقت الحالي الى نحو بليون برميل من أصل ثلاثة بلايين برميل تشكل اجمالي الاحتياط. وتعتبر تطورات الانتاج والاحتياط في مشروع هيبرنيا حدثاً مهماً لأسباب عدة أهمها وقوع هذا الحقل البحري في منطقة عمليات واعدة تأمل كندا في أن تساهم في تعويضها عن تراجع انتاجها واحتياطها من الحقول البرية التي تقع غالبيتها في المقاطعات الغربية ولا سيما مقاطعة البرتا التي تنفرد بنسبة 82 في المئة من اجمالي الثروات النفطية في كندا. وتأتي كندا في المرتبة الحادية عشرة بين منتجي النفط في العالم الا أن ندرة الاكتشافات الجديدة خارج المنطقة البحرية أدت الى استنزاف نحو ثلثي اجمالي الاحتياط في العقود الثلاثة الماضية. ويقدر اجمالي الاحتياط المؤكد والمحتمل المتبقي حاليا بنحو عشرة بلايين برميل منها نحو 4.8 بليون برميل فقط من الاحتياط القابل للاستخراج. وبسبب وضع الاحتياط قررت أربع من الشركات الكبرى الناشطة في عمليات انتاج النفط الخام في غرب كندا التخلي عن استثماراتها النفطية في سلسلة صفقات تمت في النصف الثاني من العام الماضي وقيمتها نحو 4 بلايين دولار وشارك فيها عدد من الشركات مثل "بريتيش بتروليوم-أموكو" و"شل-كندا" والشركة الكندية "بتروكندا". الا أن نزوح كبار المنتجين جاء لصالح دعم مواقعهم في ثلاثة نشاطات مهمة، يتمثل الأول في عمليات انتاج الغاز الطبيعي الذي يضع كندا في المرتبة الثالثة عالمياً ويقدر حجم احتياطه المؤكد المحتمل في الوقت الراهن بنحو 225 تريليون قدم مكعبة والاحتياط المؤكد بنحو 65 تريليون قدم مكعبة، ويتركز الثاني في الحقول البحرية قبالة الساحل الشرقي، والثالث في آبار النفط الثقيل البرية. ويُعتبر هيبرنيا الذي تشارك "موبيل" و"شيفرون" في تمويله بنسبة 60 في المئة، أضخم مشاريع المنطقة البحرية وتقدر كلفته بنحو 5.8 بليون دولار أميركي، الا أنه ليس المشروع الوحيد. ويوجد في المنطقة المذكورة مشروع آخر في المراحل النهائية من التنفيذ وهو مشروع "تيرانوفا" الذي تقدر كلفة تطويره بنحو ثلاثة بلايين دولار وحجم احتياطه المؤكد بنحو 370 مليون برميل ويتوقع أن يبدأ الانتاج في الربع الأول من السنة المقبلة بمعدل 115 ألف برميل يومياً. وذكر آدمز مشروعين واعدين قيد الدرس هما حقل هيبرون الذي تديره "شيفرون" ويشارك في تطويره "اكسون-موبيل" و"بتروكندا" وينتظر اصدار تقديرات نهائية في شأن احتياطه وانتاجه في نهاية السنة، ومشروع وايتروز الذي يقدر حجم احتياطه حسب معطيات أولية بنحو 250 مليون برميل ويتوقع أن يبدأ الانتاج في نهاية سنة 2003. وتوقع المسؤول أن تشهد المنطقة البحرية نشاطاً مكثفاً في الأعوام المقبلة واكتشاف احتياط اضافي يقدر بين 600 و700 مليون برميل. وتتوقع صناعة النفط الكندية أن تحدث المنطقة البحرية أثراً ايجابياً ملموساً في خارطة الانتاج والاستهلاك المحليين والتصدير لاسيما في حال قررت شركات النفط التوسع في عمليات التنقيب عن النفط في الشمال القطبي لكندا والمنطقة البحرية الواقعة قباله الساحل الغربي، على رغم ادراكها أن ترجمة هذا الأثر الى واقع تحتاج الى أعوام عدة. وعلى صعيد الانتاج والاستهلاك تشكل كندا حالة استثنائية بين الدول المنتجة للنفط اذ أن امتداد عرضها الجغرافي الى زهاء ستة آلاف كلم جعل الحقول المنتجة في الغرب أكثر قرباً الى الأسواق الأميركية منها الى المقاطعات الكندية الواقعة في الشرق على رغم أن المقاطعات الشرقية تضم أكبر التجمعات السكانية وأكبر أسواق استهلاك المنتجات النفطية في كندا. وتفيد معطيات هيئة الطاقة أن صناعة النفط الكندية وكنتيجة للعامل الجغرافي أولا وعوامل اقتصادية بديهية صدرت الى الولاياتالمتحدة العام الماضي نحو 57.7 في المئة من اجمالي انتاجها لكنها استوردت نسبة 50 في المئة من استهلاك مصافي النفط الكندية. وفي المحصلة بلغ اجمالي الصادرات نحو 1.22 مليون برميل يومياً، 15 في المئة من اجمالي الواردات الأميركية في العام المذكور لكن صافي الصادرات لم يتجاوز 820 ألف برميل يومياً. وتستورد كندا النفط الخام لسد احتياجات المقاطعات الشرقية، خصوصاً اونتاريو وكيبك ونوفاسكوشيا، وتوزعت خارطة واردات العام الماضي على النحو التالي: النرويج 75.6 مليون برميل وبحر الشمال 50.4 مليون برميل وفنزويلا 31.5 مليون برميل والسعودية 18.9 مليون برميل بمعدل يومي يصل الى 62 ألف برميل. وكشفت معطيات هيئة الطاقة تسجيل واردات العام الماضي زيادة بنسبة 3 في المئة مقارنة بسنة 1998 وعلى رغم أن كندا تأمل في الحد من ازدياد الواردات والاحتفاظ في الوقت نفسه بمعدلات التصدير وذلك بالاعتماد على انتاج الحقول البحرية الا أنها تضع آمالها على آبار النفط الثقيل التي يقدر احتياطها بنحو 1.7 تريليون برميل منها كميات تقدر بنحو 300 بليون برميل قابلة للاستغلال بالتكنولوجيا المتوافرة. ويشكل الاحتياط الكندي من النفط الثقيل الذي يطلق عليه المتخصصون اسم "الاسفلت الطبيعي" ويسمى خطأ باسم "الرمال النفطية" نحو 91 في المئة من اجمالي الاحتياط العالمي ويوفر لكندا مصدراً مضموناً يمكنها من الحفاظ على انتاجها بمستوياته الراهنة لمدة 200 سنة في اقل تقدير، وتركز المشاريع الانتاجية القائمة في غرب كندا منذ أواخر السبعينات على استغلال هذا الاحتياط لإنتاج النفط الاصطناعي synthetic oil الذي يتم تكريره لاستخراج منتجات نفطية بدرجة عالية من النقاوة. ويقدر الانتاج الكندي من النفط الاصطناعي بنحو 500 ألف برميل يومياً، مايعادل 19 في المئة اجمالي الانتاج المحلي، الا أن آبار النفط الثقيل تشهد في الوقت الراهن طفرة استثمارية في المشاريع القائمة والمشاريع الجديدة بمشاركة قوية من جانب الشركات الكندية والدولية مثل "سينكرود" و"سينكور" و"شل" و"موبيل". ويتوقع أن تبلغ اجمالي الاستثمارات الجديدة بحلول نهاية العقد نحو 24 بليون دولار. وتمول الاستثمارات الجديدة مشاريع توسعية أعلنها المنتجان الرئيسيان في الوقت الراهن "سينكرود" و"سنكور" وتشمل أيضاً عدداً من المشاريع الجديدة أحدها مشروع ضخم أطلقته شل أخيراً بالاشتراك مع شيفرون وعدد من الشركاء الآخرين. ويرمي المشروع الى انتاج 155 ألف برميل يومياً من النفط الاصطناعي مع بدء التشغيل في أواخر سنة 2002 وتبلغ كلفة المشروع نحو 2.5 بليون دولار. وتؤكد صناعة النفط الثقيل الكندية أن الأبحاث التي تجريها منذ مطلع الثمانينات نجحت في خفض كلفة الانتاج الى النصف حيث تقدر في الوقت الراهن بنحو 9.5 دولار للبرميل الواحد الا أن مديرة العلاقات العامة لدى "شل-كندا" باتي ريتشارز ذكرت أن القائمين على المشروع الجديد لشل وشيفرون يتوقعون أن تراوح كلفة الانتاج بين 6.8 و7.50 دولار للبرميل.