سعى الرئيس الأميركي جورج بوش في آخر مشاركة له في قمة "أطلسية" كرئيس للولايات المتحدة، الى انقاذ سمعته في ما يتعلق بحربي العراقوأفغانستان. وأعرب عن أمله في إقناع موسكو بالتخلي عن معارضتها خطَطه لنشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، فيما يستعد لعقد خلوة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد القمة في منتجع سوتشي الروسي حيث يجريان محادثات"من القلب الى القلب"بحسب تعبير بوش. راجع ص 8 ومع وصوله الى بوخارست للمشاركة في القمة، سعى الرئيس الأميركي الى ترطيب الأجواء مع روسيا، وقال ان"روسيا ليست عدوّتنا، والحرب الباردة انتهت". ويحضر بوتين القمة للمرة الأخيرة أيضاً كرئيس لبلاده. ومن المقرّر ان يلتقي بوش في سوتشي أيضاً الرئيس الروسي المنتخب ديميتري ميدفيديف. وانطلقت قمة"الأطلسي"في العاصمة الرومانية أمس، بانقسام حول ملفَّين أساسيين على جدول أعمال الاجتماعات التي تستغرق يومين، هما ملف إرسال تعزيزات عسكرية إلى أفغانستان، وضمّ جورجيا وأوكرانيا، علماً ان القمة الحالية تشكل اكبر تجمع لرؤساء الدول والحكومات يعقده الحلف منذ تأسيسه قبل نحو ستين عاما. وعرض بوش أمام الحلفاء"مساراً واضحاً"لضمّ جورجيا وأوكرانيا، في محاولة لتذليل معارضة أبدتها دول عدة في مقدمها ألمانياوفرنسا لهذا الانضمام. كما استحضر بوش قرار بلاده إرسال اكثر من ثلاثة آلاف عنصر إضافي من مشاة البحرية مارينز الى أفغانستان وقرارات فرنسا ورومانيا ودول اخرى تعزيز وجودها العسكري في هذا البلد، لإقناع دول أخرى في الحلف بإرسال مزيد من القوات لمحاربة"طالبان". وفاجأت باريس أوساط القمة بإشاعة جوّ من الغموض حول التوقعات بأنها قد ترسل ألف جندي إضافي الى أفغانستان، علماً ان مصادر الحلف توقّعت ان يعلن الرئيس نيكولا ساركوزي خلال القمة قراراً في هذا الشأن. وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون قبل افتتاح القمة ان باريس قد ترسل"بضعة مئات من الجنود"، فيما صرَّح معاون لساركوزي بأن فرنسا ستربط إرسال اي تعزيزات عسكرية الى أفغانستان، بزيادة المساعدات الأجنبية لكابول. وعلى رغم اتفاق الدول ال 26 الأعضاء في الحلف على ضرورة التصدّي ل"طالبان"، فإنها لا تتفق بالضرورة على مواضيع أخرى، مثل"الحرب على الارهاب"ومستقبل الحلف والعلاقات مع روسيا. وتنشر القوة الدولية ايساف التي يقودها الحلف الأطلسي 47 ألف عنصر من أربعين بلداً في أفغانستان، فيما تنشر قوة التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة حوالى 15 ألفا. على صعيد آخر، قال بوش ان الموقف الأميركي"واضح وعلى الحلف الأطلسي ان يقبل جورجيا وأوكرانيا"ضمن خطة العمل بهدف الانضمام، ما سيمنحهما وضع مرشحين رسميين للانضمام. لكن بعض أعضاء الحلف الآخرين، مثل ألمانياوفرنسا، يخالفونه الرأي في هذا الصدد، اذ يعتبرون ان جورجيا وأوكرانيا غير جاهزتين للانضمام، كما تتخوف باريس وبرلين من رد الفعل الروسي على ذلك وانعكاسات هذا الأمر على الأمن الأوروبي. وسعى بوش مجدداً الى تهدئة المخاوف الروسية في هذا الشأن، والتي اثارت توتراً كبيراً في العلاقات بين البلدين في الأشهر الأخيرة. ودعا بوش روسيا الى المشاركة في مشروع الدفاع الصاروخي الذي اكد انه يستهدف التهديد المتمثل بنشاطات إيران الصاروخية والنووية. وأعلن عزمه رفع التعاون الاستراتيجي بين روسيا والحلف الأطلسي"الى مستوى غير مسبوق"من خلال إشراك مواقع في الاتحاد السوفياتي السابق في نظام الدرع الصاروخية. في المقابل، كرر وزير الخارجية سيرغي لافروف أن موسكو ستردّ في شكل عملي على اي توسيع جديد ل"الاطلسي"، عبر تعزيز دفاعاتها وقوتها الاقتصادية. واكد لافروف ان بلاده ستدرس بعناية قراراً برلمانياً يدعو الى الاعتراف بالإقليمين الانفصاليين في جورجيا، ابخازيا وأوسيتيا الجنوبية، لكنها ستبقي على التزامها العام بتكامل اراضي الدول ووحدتها.