العرض الذي قدمه الرئيس الروسي المنتهية ولايته فلاديمير بوتين لحلف شمال الأطلسي بمساعدته في أفغانستان اذا رفض الحلف انضمام أوكرانيا وجورجيا، هذا العرض يبدو ليس مجدياً لوقف زحف حلف الأطلسي الذي لم يقتنع فقط بانهيار غريمه حلف وارسو بل أخذ يضم اليه كل أعضاء ذلك الحلف بما فيهم بولندا مقر الحلف ورمز قوته، ولم يكتف الناتو بذلك فحسب بل ضم إليه دولاً أخرى كانت من صميم بناء الامبراطورية السوفيتية السابقة مثل دول البلطيق. واذا ما انضمت أوكرانيا وجورجيا فإن ذلك يعني اضعافاً أكثر لروسيا التي لن تكون بعد ذلك جمهورية روسيا الاتحادية اذا خرجت منها اوكرانيا، وجورجيا، وسينعكس هذا الضعف على القرار السياسي الروسي الذي لن يكون مؤثراً في غياب أوكرانيا بالذات ورغم أن العرض الروسي ليس مجدياً في وقف زحف حلف الأطلسي الا ان الولاياتالمتحدة ومن باب المناورة السياسية تشاطر موسكو الرأي حتى تضمن مساعدتها في افغانستان في وقت أحوج ما تكون فيه الى مساعدات لوجستية مهمة في ذلك البلد. وبما أن القمة الأطلسية المفترض ان تنظر في انضمام اوكرانيا وجورجيا ستنعقد في الثاني من ابريل المقبل في بوخارست، فإن روسيا سوف توظف جهدها حتى ذلك التاريخ لاقناع الاطلسي بقبول عرضها، ولكن يبدو أن ذلك الجهد لن يؤتي أكله لأن ألمانيا وفرنسا ودولاً أخرى في الحلف تعارض بقوة العرض الروسي، ولذلك وحتى إذا لم تكن هناك موافقة صريحة على ضم أوكرانيا وجورجيا فسوف تكون هناك خطوة مهمة في هذا الاتجاه تطمئن أوكرانيا وجورجيا من جهة وتضمن تهدئة روسيا لأن هناك قضايا ساخنة يريد الأطلسي حسمها مثل نظام الدفاع الصاروخي الذي ترى فيه موسكو تهديداً مباشراً لها ويعتبر ملفاً ساخناً أمام خليفه بوتين في الرئاسة ديمتري ميدتيدف الذي سيتولى منصبه رسمياً في مايو المقبل، على كل فإن المحاولات الروسية لوقف تقدم الأطلسي لم تحقق شيئاً في الماضي ولن تحقق شيئاً في المستقبل رغم التهديد المعلن والمبطن الذي توجهه موسكو الى أوكرانيا وجورجيا اللذين باتت عضويتهما في الناتو أقرب مما تصور روسيا نفسها.