لا تزال الاسواق المالية متقلبة وسط انباء عن تجاوز ازمة الائتمان "مرحلتها الخطرة" وبدء المؤسسات المالية اعادة ترتيب اولوياتها، ما ساعد في اعادة بعض الثقة الى المستثمرين في الاسهم وسط تحذيرات من أن الدولار ربما يتعرض مجدداً لضغوط بيع ما لم تبدأ البيانات المرتقبة، وأبرزها بيانات الوظائف التي ستصدر غداً الجمعة، في رسم صورة أكثر اشراقاً للاقتصاد الاميركي. وكان ووزير الخزانة هنري بولسون اعرب عن اعتقاده بتحقيق بعض التقدم في معالجة الازمة. وقال في الصين"اننا لا نزال نواجه بعض الصعاب"، في حين قال بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي ان اقتصاد بلاده قد ينكمش في النصف الاول من السنة. ومع اشتداد الضغوط على المؤسسات المالية الاميركية، بدأت المصارف البريطانية تضيق مجال الاقراض للراغبين في الاستثمار العقاري. حتى ان"بنك فيرست دايريكت"الغى اقراضه للراغبين بدخول السوق في حين زادت مصارف اخرى كلفة القروض. وكشفت احصاءات امس ان الاقراض العقاري تراجع الى ادنى مستوى منذ 13 عاماً، ما دفع اسعار العقار الى التراجع. وساهم صندوق النقد الدولي في اشاعة التشاؤم عندما خفض توقعاته في شأن نمو الاقتصاد العالمي السنة الجارية من 4.1 في المئة الى 3.7 في المئة، مع خفض توقعات النمو في الولاياتالمتحدة من 1.5 الى 0.5 في المئة فقط. ومع استمرار عدم اليقين تُقدر سوق لندن ان الصناديق السيادية في الشرق الاوسط وآسيا تكبدت خسائر جسيمة عندما اندفعت الى الاستثمار في سوق الدولار والمؤسسات المالية التي تعثرت بسبب ازمة الائتمان وسوق العقار في الولاياتالمتحدة. وخسرت امارة ابوظبي حوالى 2.5 بليون دولار من استثماراتها في"سيتيكورب"وصندوق"تيماسك"في سنغافورة حوالى 600 مليون دولار في"ميريل لينش"والاستثمارات السعودية في مصرف"يو بي اس"حوالى 5.5 بليون دولار. وكان هذا المصرف السويسري اعترف اول من امس ان خسائره قد تتجاوز 19 بليون دولار، رغم انه قرر طرح اصدارات جديدة ستساعده في تصحيح اوضاعه المالية، ما قد يدفع الصناديق السيادية الى ضخ اموال جديدة فيه للحفاظ على مصالحها. وفقدت الصناديق الاستثمارية حول العالم ثقتها المطلقة بالدولار حتى ان صندوق التقاعد العام في كوريا الجنوبية، الذي يملك اصولاً تُقدر بنحو 220 بليون دولار، بدأ بيع ما يملكه من سندات اميركية مقابل شراء الاوراق المالية المقومة باليورو. واذا سارت مختلف البيوت الاستثمارية والصناديق حول العالم وفق هذا الاسلوب يمكن للدولار ان يعاني اكثر. وقد يخسر دوره كعملة التجارة الدولية، ما يؤدي الى ضغوط اكبر عليه وتصبح اجراءات مجلس الاحتياط الفيديرالي لمساعدة الاقتصاد وحفزه من دون فعالية، خصوصاً عندما يفقد الدولار دوره الحالي كعملة الاحتياط. من جهة ثانية تحدث معهد"ماكنزي غلوبال"، في تقريره الاخير عن اسواق المال والعملات الرئيسية، عن ان السوق الاوروبية التي تتعامل باليورو، وتضم 15 دولة عدد سكانها يتجاوز 318 مليون نسمة اصبحت تتجاوز في حجمها السوق الاميركية البالغ عدد سكانها 300 مليون نسمة وان اليورو، مع كل المعوقات يكتسب ارضية صلبة يجب ان تلاحظ باستمرار. واشار الى ان حجم السوق المالية الاوروبية نما بنحو 4.2 تريليون دولار العام 2006، وان نحو ثلثي التدفقات المالية عليها جاءت من المؤسسات المالية الخاصة وليس من الصناديق السيادية او المصارف المركزية في العالم. وبحسب احصاءات البنك المركزي الاوروبي، اصبحت قيمة العملة الاوروبية المتداولة في العالم في آب اغسطس الماضي حوالى 840 بليون دولار، في مقابل حوالى 814 بليون دولار من العملة الاميركية. ووفق المعهد اصبح اليورو منذ العام 2003، العملة المفضلة لاحتياط الشركات الدولية الخاصة وحتى لاصدار السندات على رغم ان حجم سوق السندات الاميركية لا يزال اكبر بكثير.