أبدت دوائر حزبية معارضة في مصر قلقها مما سمّته "محاولات حكومية" قالت إنها تهدف إلى تحجيم انتشار الحركات اليسارية المعارضة في الشارع بعدما وجدت أن دعوات اليساريين لاقت استحساناً من الأوساط الشعبية وقوى سياسية غير محسوبة على الحكم. ويأتي ذلك في أعقاب دعوة جديدة إلى الإضراب العام طرحتها مجموعة من الشباب اليساري على موقع ال"فيس بوك"في شبكة الانترنت الذي كانت دعت من خلاله أيضاً إلى الإضراب الذي شهدته مصر في 6 نيسان ابريل الجاري احتجاجاً على ارتفاع الأسعار. وأفاد"مركز أندلس لدراسات التسامح"، في بيان، أن منظمات حقوقية أرسلت خطاباً إلى المسؤولين عن إدارة موقع"فيس بوك"الالكتروني حذّرت فيه من اعتزام الحكومة المصرية حجب الموقع أو طلب معلومات من إدارته عن الناشطين السياسيين المعارضين. ولفت الخطاب نظر القائمين على ال"فيس بوك"إلى موقع مصر المتدني في التقارير الدولية الحقوقية الخاصة بالحريات ورغبة السلطات في الهيمنة على وسائل الاتصال. ويأتي هذا القلق الحكومي من انتشار الحركات اليسارية الشعبية في الوقت الذي تعاني فيه الحياة الحزبية من غياب شبه تام، فأحزاب المعارضة مغيّبة عن الساحة الشعبية في ظل إحكام الحزب الوطني الحاكم سيطرته على مقاليد الأمور. أما جماعة"الإخوان المسلمين"فإنها تعاني من قيود شديدة مفروضة على تحركاتها، كما أن انتشارها يظل مقتصراً على فئة معينة هي فئة الإسلاميين. ويقول الأمين العام لحركة"كفاية"الدكتور عبدالوهاب المسيري:"تدور الحكومة في إطار السياسات القديمة، فهي ترى أن الإخوان هم الخطر، وإنما الخطر الحقيقي هو الحركات الجماهيرية التي بدأت في الانتشار"، مشيراً إلى أن الدولة بدأت تعمل على"تحجيم تلك الحركات الشعبية ولكن من دون رؤية ثاقبة للأمور، إذ أن تلك القوى ليس لها مركز رئيسي، فهي شكل من أشكال الاحتجاجات المتجدّدة". وأوضح أن زيادة التحركات السياسية للحركات الشعبية قد يدفع بأحزاب المعارضة إلى التحرك أيضاً في الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن كثيرين من أعضاء الأحزاب يتحركون حالياً"ولكن في شكل شخصي". من جانبه، أكد الأمين العام لحزب"التجمع"سيد عبدالعال أن الحزب سيحاول"فك الحصار المفروض عليه سواء حكومياً أو مالياً، والنزول إلى الشارع ومساندة المواطنين في تحقيق متطلباتهم المعيشية البسيطة". وقال:"سنعمل على مساندة أشكال الاحتجاج السلمي والمشاركة فيه ومحاولة تصعيده حتى لا يصبح مجرد تظاهرات فئوية". وتؤكد جماعة"الإخوان"، أكبر فصيل سياسي معارض غير مرخّص للجماعة بالعمل الحزبي الشرعي، أن إلغاء الحكومة للحياة السياسية وانتشار الفساد وغلاء الأسعار قد يفتح الباب أمام"الاحتجاج الفوضوي"وبالتالي أمام خطر"انفجار"الوضع في مصر. إذ يرى رئيس المكتب السياسي للجماعة عصام العريان أن الأحزاب السياسية غائبة في مصر نتيجة القيود التي تفرض عليها ولذلك فإن المشهد السياسي"بالغ الصعوبة"و"ينذر بخطر شديد على الحياة السياسية"، ويقول إن الجماعة تدرس الآن الأوضاع الداخلية و"كيفية تحقيق إصلاح حقيقي وجاد عن طريق الطرق والقنوات القانونية المشروعة". أما الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات ضياء رشوان فيرى أن الانتخابات المحلية الأخيرة إضافة إلى إضراب 6 نيسان ابريل"وضع الأحزاب السياسية في سلة واحدة، على رغم وجود تناقضات في ما بينها، ووضع الشارع المصري في معسكر ثان، وفي المنتصف يوجد الإخوان"، مشيراً إلى أن المشهد السياسي في الفترة المقبلة سيتضح بناء على علاقة الأطراف الثلاثة في ما بينها. وأوضح أن المحليات دلت على أن أحزاب المعارضة قبلت"دور الكومبارس"من خلال مشاركتها في"انتخابات فاسدة في مقابل الحصول على مكاسب ضئيلة". وأكد رئيس الكتلة البرلمانية ل"الإخوان"في مجلس الشعب سعد الكتاتني خلال ندوة عُقدت في الصالون السياسي لنواب الكتلة، أن الساحة المصرية تمر بمرحلة"غليان شعبي غير مسبوق"، مضيفاً أن الشارع لم يكن معتاداً على أشكال الاحتجاجات التي تحصل حالياً"ولكن الوضع الخانق الذي يمر به المواطن البسيط هو الذي جعله يخرج عن صمته مطالباً النظام بأبسط حقوق". وأوضح الكتاتني أن الذي جعل الشارع يخرج معبراً عن غضبه من خلال تلك الإضرابات هو أنه أصبح غير مقتنع ورافضاً سياسة الحزب الوطني ومنتقداً السلوك الأمني الذي يتعامل به مع المواطنين. ولفت الكتاتني الى وجود"إجماع وطني حول ثوابت العمل الوطني بين التيارات السياسية كافة على الساحة، ما يُشكّل بارقة أمل في حدوث انفراجةٍ سياسية، ولكن ليس في القريب العاجل"، مشيراً إلى أن على الحكومة أن"تراجع نفسها، وأن تكفَّ عن المعالجات الأمنية".