يبرز كتاب "العربي ديوان الثقافة العربية" الصادر حديثاً عن مكتبة الإسكندرية في ثلاثة فصول، جهود أجيال من المبدعين والمفكرين. في الفصل الأول"نصف قرن من العطاء الثقافي"يقف الكتاب الذي يضم 300 صفحة على الإرهاصات الأولى لفكرة إنشاء المجلة, وأهم أبوابها وسماتها التحريرية, والفنية المميزة، ثم صدور عددها الأول في العام 1958, إضافة إلى ميزات الإخراج الفني للمجلة في عهود رؤساء التحرير: أحمد زكي وأحمد بهاء الدين ومحمد الرميحي وسليمان العسكري. ويتطرق للفنون التحريرية في المجلة, والأبواب الثابتة فيها, فپ"العربي"التي نشرت الشعر التقليدي وحافظت عليه وأبرزت رواده, أفسحت صفحاتها للشعر الجديد وقدمت مبدعيه. و"العربي"التي أضاءت صفحاتها بقصص أساطين الفن السردي، أفسحت صدرها كذلك لاكتشاف مواهب الشباب العربي في فن الحكي، ومنذ عددها الأول، دعت إلي الثقافة العلمية، حتى توجت الدعوة قبل عامين بملحقها العلمي، الذي يصدر مجاناً كل شهر، والذي سيتحول إلي إصدار مستقل، كما تحول قبل أكثر من 22 عاماً ملحقها للقراء الصغار إلى مجلة"العربي الصغير"التي توزع 130 ألف نسخة مطلع كل شهر. ويتناول الكتاب السلسلة الفصلية"كتاب العربي"التي تكاد تكمل رحلة اليوبيل الفضي، وهي سلسلة تبرز العطاء الثقافي الذي نشر على صفحات مجلة"العربي"خلال فترات متباعدة زمنياً وقدمتها للقراء والباحثين والمهتمين في كتب متوسطة الحجم يسهل اقتناؤها وحفظها. وقدمت سلسلة"كتاب العربي"عشرات الكتب التي توزعت بين الدراسات الفكرية والإبداعية الأدبية تارة والعلوم والتقنيات والدراسات الإسلامية والتاريخية تارة أخرى، وجعل منها هذا التنوع موسوعة معتدلة تثري القارئ والباحث بمعرفة أحداث الماضي وتمنحها القدرة على استشراف آفاق المستقبل، بحسب الفريق البحثي الذي أعد الكتاب. وخصص الكتاب قسماً بجائزة العويس، فقد ظفرت مجلة"العربي"بجائزة العويس الثقافية عام 2002 للإنجاز الثقافي والعلمي نظراً لما تمثله من قيمة حضارية عربية بصفتها مجلة تنويرية قامت وما زالت تقوم بدورها الريادي في تعريف العرب بحضارتهم وربطهم بالثقافة العربية والعالمية في آن واحد، وهي المرة الأولى التي منحت فيها مؤسسة العويس الجائزة لمجلة ثقافية. أما القسم الثاني من الكتاب الذي جاء في شكل كتالوغ، فعنوانه"العربي محاور وقضايا"ويضم جزءاً بعنوان"مجلة العربي والقومية العربية"، فقد جاءت تسمية"العربي"تعبيراً عن الهوية القومية الشاملة من جهة، والوحدة العربية من جهة أخرى، وتطلع كويتي للتحرر من الحماية الأجنبية، والى العودة إلى أحضان الأمة، والمشاركة في بناء وحدتها السياسية والثقافية. وركز الكتالوغ على نماذج من استطلاعات"العربي"النادرة، ومنها"المُكلا عاصمة حضرموت"،"سرواك"،"مطماطة... مدينة مساكنها تحت الأرض". وركز أيضاً على أهم القضايا التي عالجتها مجلة"العربي"ألا وهي: القضايا الدينية والعلمية والأدبية والفنية والاجتماعية. أما الفصل الثالث"العربي .. ديوان العرب"فيؤكد أن مجلة"العربي"كانت ديواناً للعرب التقوا على صفحاتها وتحاوروا وتناقشوا، من أجل العرب وللعرب. تميزت"العربي"بأقلام من تم استكتابهم من داخل المجلة أو من خارجها، وهو ما يتضح من تصفح عددها الأول الذي كتب فيه: أحمد زكي، محمد أحمد خلف الله، كامل عياد، عباس محمود العقاد، جميل صليبا، زكي المحاسني، فاروق خورشيد، أحمد الصافي النجفي، محمود تيمور، محمد محمود الزبيري، أنور أحمد، سليم زبال، مع مصورين ورسامين كبار استطاعوا التعبير عما يكتب بالصورة والرسم، منهم: أوسكار متري، جمال كامل. يضيء الكتاب التذكاري طموح القائمين على"العربي"الذي لم يقف عند حدود الجغرافيا، ولم توصد أمامه بوابات التاريخ، فالمجلة عملت على نقل هذا المشروع الثقافي التنويري إلى فضاء أكثر اتساعاً، وهو الفضاء الالكتروني الذي يضيء زوايا المشهد الثقافي والفكري للوطن العربي عبر شبكة الانترنت. وافتتح موقع العربي ? في مرحلته الأولى - ليقدم أرشيف السنوات الست عشرة الأخيرة من المجلة، فضلاً عن العدد الجديد، وتستكمل الآن أرشفة بقية سنوات الإصدار منذ العدد الأول في وقت قريب.