نمت الصادرات الألمانية إلى الدول العربية ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في تسعينات القرن الماضي، من دون أن يتأثر التبادل التجاري بارتفاع قيمة اليورو، خصوصاً في السنوات الأخيرة. وبلغت قيمة الصادرات الألمانية نهاية العام الماضي 23.4 بليون يورو في مقابل 21.6 بليون في 2006 ، بزيادة 9.6 في المئة، فيما تراجعت واردات ألمانيا من الدول العربية في الفترة الزمنية ذاتها، بنسبة 11.8 في المئة، لتصل إلى 10.6 بلايين في مقابل 12.2 بليون يورو، بحسب إحصاءات المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن. ولفتت بيانات المكتب الى أن ألمانيا"خفَّضت استيرادها الإجمالي للنفط الخام في 2007 ، بمعدل 2.5 في المئة، ليتراجع إلى 106.7 مليون طن في مقابل 109.4 مليون في 2006. وفي هذا الإطار انخفض الاستيراد من الدول العربية المصدرة للنفط 10.6 في المئة عن 2006. ولا بد من الإشارة إلى أن ألمانيا كانت تستورد من الدول العربية في عام 1972 ، نحو 72 في المئة من النفط الذي تحتاج إليه سنوياً، لكن أسباباً عدة أدت إلى انخفاض الاستيراد إلى مستوى 19.4 في المئة العام الماضي. وأهم هذه الأسباب لجوء العرب في سبعينات القرن الماضي، إلى وقف تصدير النفط احتجاجاً على الدعم الغربي لإسرائيل والبعد الجغرافي، وعدم الرغبة في الارتهان لبلد أو لمنطقة واحدة، إضافة إلى ارتباط الشركات الألمانية المستوردة للنفط في شركات الإنتاج في دول أوروبية عدة. وهذا ما دفع بالحكومة الألمانية، إلى التفتيش عن مصادر أخرى، حيث تحتل روسيا والنروج وبريطانيا اليوم مراكز الصدارة في توريد مادة النفط وتغطية ما يزيد على 60 في المئة من حاجات ألمانيا. وتبدو الفرصة سانحة الآن مجدداً لعدد من الدول العربية النفطية لزيادة صادراتها النفطية، بعدما لجأت روسيا قبل سنتين تقريباً إلى وقف تصدير النفط إلى أوكرانيا التي أوقفت بدورها تدفق النفط والغاز الروسي إلى أوروبا، ما جعل الألمان يفكرون جدياً في التخفيف من ارتهانهم لروسيا. وعلى المستوى العربي، لا تزال ليبيا تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية المصدرة للنفط إلى ألمانيا تليها سورية، فالجزائر والمملكة العربية السعودية ومصر. ولم يؤد التراجع في صادرات النفط العربي إلى ألمانيا إلى انخفاض في التبادل التجاري، بل على العكس، خصوصاً بعد الطفرة البترومالية، التي بدأت قبل سنوات مع الارتفاع الكبير في سعر النفط. ومع ازدياد عائدات النفط وتنامي قدرة الدول العربية النفطية على الاستثمار، وتنفيذ المشاريع الصناعية، وتعزيز البنية التحتية في بلدانها، ازداد الإقبال على السلع الألمانية، التي تتمتع أصلاً بسمعة جيدة، وهذا ما يفسر اتساع الفرق بين قيمة الصادرات الألمانية 23.348 بليون يورو وقيمة وارداتها من هذه الدول 10.619 بليون يورو. واستوردت دول مجلس التعاون الخليجي الست 60 في المئة من الصادرات الألمانية الإجمالية إلى الدول العربية العام الماضي، واحتلت الإمارات مجدداً المرتبة الأولى تلتها السعودية. وخارج منطقة الخليج، تصدرت مصر المركز الأول في الاستيراد من ألمانيا، لكن أقل بكثير من الإمارات والسعودية، تلتها تونس ثم المغرب والجزائر لتستوعب 25 في المئة من الصادرات الألمانية الإجمالية إلى العالم العربي. وبحسب المكتب الاتحادي للإحصاء، لا تشكل الصادرات الألمانية إلى الدول العربية أكثر من 2.5 في المئة من صادراتها الإجمالية إلى العالم، البالغة 969 بليون يورو العام الماضي، ما مكَّن ألمانيا من الاحتفاظ بالمرتبة الأولى في التصدير عالمياً للمرة الخامسة على التوالي.