بدأت ملامح المعركة التنافسية في الانتخابات البرلمانية الإيرانية تأخذ شكلها النهائي، قبل يومين من فتح صناديق الاقتراع. وتشهد الساحة الانتخابية معركة حامية داخل التيارات السياسية، وفي ما بينها، لبلورة هيئة لوائحها الانتخابية وهويتها، خصوصاً في المدن الكبرى. وبلغ الانقسام داخل التيار المحافظ طريق اللاعودة، بين الجناح الداعم لحكومة محمود أحمدي نجاد، المنضوي تحت لواء لائحة الجبهة المتحدة للأصوليين، وبين الجناح المنتقد لها بزعامة التحالف الثلاثي المؤلف من علي لاريجاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي السابق، ومحمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران، ومحسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري، الذين شكلوا لائحة باسم اللائحة الشاملة للأصوليين. الى جانب لوائح محافظة أخرى مناطقية في المدن الكبيرة. ووجه الجناح الداعم للائحة الجبهة المتحدة للأصوليين ضربة قاسية للجناح المنتقد، أو اللائحة الشاملة، بالطلب من أعضائه رفض إدراج أسمائهم على أي لائحة أخرى غير اللائحة الرسمية للجبهة، وأخذت منهم تعهدات بالالتزام التام بتوجهات اللائحة السياسية والانتخابية. في المقابل، فشل التيار الإصلاحي في التوصل الى اي انسجام بين أجنحته، على رغم إدراكه حجم الضغوط وتراجع فرصه بالفوز. ووصل الانقسام بين ائتلاف الأحزاب الإصلاحية المقرب من الرئيس السابق محمد خاتمي وجناح حزب اعتماد ملي بزعامة الشيخ مهدي كروبي، الى طريق مسدود، مع الإعلان عن لوائح مختلفة، وان كانت تشترك في بعض الأسماء، خصوصاً في لائحة الائتلاف الذي كان محكوماً بالإعلان عن لائحة تضم 30 مرشحاً عن طهران، فيما تمكن جناح كروبي من تقديم لوائح شبه متكاملة للتنافس على 165 مقعداً في كل إيران. وتتهم قوى إصلاحية كروبي بأنه عقد صفقة سرية مع التيار المحافظ، سمحت بأن يحصل حزبه على أعلى نسبة من المرشحين المقبولين، من المقربين للتوجهات الإصلاحية، وبالتالي، مكنت التيار المحافظ من الحديث عن معركة تنافسية بين الأطياف المختلفة. على صعيد آخر، استمرت حملة انتقادات المحافظين لشقيق الرئيس محمد خاتمي، لاجتماعه مع السفير الألماني عشية العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة على طهران. وأعلن محمد رضا خاتمي انه التقى سفراء دول عدة، الى جانب لقائه السفير الألماني. وسبق أن أشار رضا خاتمي في مناظرة جمعته والنائب الأول محمد رضا باهنر، الى انه التقى السفير الألماني في طهران هربرت هونسوفيت، وانه دافع عن المصالح الإيرانية، في حين سربت مصادر الجناح المحافظ الإعلامية وشبه الرسمية، أخباراً عن اللقاء دفعت بعضهم الى اتهامه بالخيانة. ونفى محمد رضا خاتمي الاتهامات، داعياً المدعي الى تقديم أدلة حول حقيقة ما جرى في اللقاء، متهماً أجهزة الدولة ضمناً بالتنصت. كما نفى خاتمي وجود قانون يحظر لقاء الإيرانيين مع السفراء الأجانب. وأول من أمس، شنت صحيفة كيهان هجوماً على محمد رضا خاتمي، على خلفية لقائه السفير الألماني، مسربة لاتهامات، من دون إدراج أدلة. تزامن ذلك مع فتح ملف النائب الناطق باسم كتلة الأقلية الإصلاحية في مجلس الشورى، نور الدين مؤذن، الذي وصف رفض أهليات مرشحين للانتخابات بأنه"أشبه بقتل سياسي عام"، وذلك في حديث أدلى به لإذاعة"صوت أميركا"، الأمر الذي أثار استنكارات، واتهامات بأن تصريحات مؤذن هدفها الحصول على لجوء إلى أميركا. في غضون ذلك، أكد رئيس مركز الانتخابات في الداخلية الإيرانية علي رضا افشار"ديموقراطية المعركة الانتخابية"، وقال:"ان الانتخابات السابقة أتت على عكس ما كان يترقبه القيمون عليها، وغيرت البوصلة السياسية للحكم في البلاد، مما يدل على ديموقراطية المعركة، وحرية الشعب في الانتخاب". أما مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون آسيا وأفريقيا، المرشح الحالي محمد الصدر، فقال ان الإصلاحيين قدموا النصيحة فيما يتعلق بقبول الأهليات أو رفضها، معتبراً ان سياسة"حكومة احمدي نجاد ومجلس صيانة الدستور في رفض أهليات المرشحين وضعت التيار الإصلاحي أمام مشكلة توجيه المشاركة في الانتخابات لعدد كبير من الشباب الإيراني"، داعياً في الوقت عينه المواطنين إلى التصويت بكثافة.