فتح الإصلاحيون في إيران أبواب المعركة الانتخابية على مصراعيها في مواجهة المحافظين، وذلك عبر إعلان 18 تياراً سياسياً ودينياً ومهنياً مؤيداً للرئيس محمد خاتمي، تشكيل هيئة عليا كلِفت تنظيم الحملات لخوض أبرز استحقاق بعد انتخابات الرئاسة عام 1997 التي جاءت بخاتمي إلى الحكم مدعوماً بعشرين مليون صوت. وأطلق الإصلاحيون على الهيئة الجديدة اسم جبهة "خرداد الثانية" في إشارة واضحة إلى خوضهم الانتخابات البرلمانية المقررة في شباط فبراير في ظل تحد واضح يريدون عبره تكرار تجربة الاقتراع الرئاسي، بمعنى قلب المعادلة البرلمانية عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع. الإعلان عن الجبهة الانتخابية أرفقه الإصلاحيون باندفاع واسع على مستوى الترشيح، فطرحوا 14 لائحة تمثل 14 تشكيلاً سياسياً ومهنياً ودينياً. واتسمت اللوائح بالالتقاء عند عدد لا بأس به من المرشحين، لكن العدد الذي افترقت عنده كان أكبر مع الإشارة إلى أن معظمها كان غير مكتمل، بمعنى أنها أبقت الباب مفتوحاً أمام الاتصالات والمداولات للتوصل إلى لوائح أكثر انضباطاً على وقع خطة الإصلاحيين لاقتحام البرلمان، في حال تعذر عليهم خوض الانتخابات في لائحة واحدة، خصوصاً في طهران 30 مقعداً. وتردد في أوساطهم أن هذه اللوائح أولية، وان الاتفاق سيحصل في النهاية على واحدة. لكن مصدراً مطلعاً في التيار الإصلاحي قال ل"الحياة" ان هناك آراء متعددة في جبهة الإصلاحيين، ما يظهر حتى في اسم الجبهة كونها تضم عدداً من التيارات، لذلك استبعد مبدئياً خوض الانتخابات في لائحة واحدة تضم 18 تياراً. وفي مقدم هذه التيارات "رابطة العلماء المناضلين" أي اليسار الديني الذي ينتمي إليه خاتمي، وحزب "جبهة المشاركة" القريب إلى الرئيس وحزب "كوادر البناء" القريب إلى رفسنجاني، وحزب العمل، وحزب التضامن وعدد من الاتحادات النسائية، والصناعيون والمهندسون. في المقابل يراقب المحافظون هذه التطورات باهتمام، ويبدو أنهم يراهنون على انشقاق في جبهة الإصلاحيين، تلخصه مصادرهم بخلاف بين "كوادر البناء" و"جبهة المشاركة" من جهة، وبين الجبهة و"رابطة العلماء المناضلين" من جهة ثانية. وكان واضحاً أن الجبهة غيّبت رفسنجاني في لائحتها فيما غاب عن لائحة الرابطة عضو الشورى المركزية للجبهة رضا خاتمي، شقيق الرئيس. وسيعقد اليوم لقاء بين "تجمع علماء الدين المجاهدين" يمين و"رابطة علماء الدين المناضلين" يسار. وعلمت "الحياة" من مصادر المحافظين أن الاجتماع يهدف إلى "تخفيف التوتر في المجتمع، وإزالة الاختلافات عبر الحوار تلبية لنداء المرشد آية الله علي خامنئي". واعتبرت المصادر أن لا بد على أبواب الانتخابات من الحوار وتعزيز الوحدة لمنع إشعال نار الخلافات. وسبق هذا الاجتماع لقاء بين الرابطة وخاتمي تناول قضية الانتخابات. وتزامنت هذه التطورات مع قرار مهم لمجلس تشخيص مصلحة النظام قضى بضروة الإعلان خطياً عن أسباب رفض أهلية مرشحين للانتخابات من قبل مجلس صيانة الدستور. وأجمع المحللون على أن القرار وضع حداً لمشكلة مزمنة تعود إلى عشرين سنة بين الهيئات التنفيذية والهيئات الرقابية المعنية بالانتخابات، مما سيساعد في الغاء أهم جذور النزاعات السياسية حول رفض المرشحين. وأثار القرار ارتياحاً لدى الأوساط الإصلاحية المتخوفة دائماً من رفض أبرز مرشحيها، لكن مصادر المحافظين رفضت اعتباره دعماً للتيار الإصلاحي، ورأت أنه يستهدف "ترسيخ الشفافية في المنافسة بين جميع المرشحين، وحفظ الحقوق الفردية والمصالح الوطنية"، ويُظهر عزم المشرعين وكبار شخصيات النظام على تأمين الشروط اللازمة لانتخابات قانونية ونزيهة. وجاء قرار مجلس تشخيص مصلحة النظام ليضع حداً لخلاف نشب بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور في آب اغسطس الماضي، عندما نقض المجلس قراراً برلمانياً يحد من صلاحياته في بت الترشيحات. وأصر البرلمان مجدداً على قراره بعد إرجاعه إليه من المجلس، وعندها أحيل الموضوع على مجلس تشخيص مصلحة النظام والذي يرأسه رفسنجاني. ويستثني القرار الحالات التي يفضل المرشحون فيها عدم إبلاغهم أسباب رفض أهليتهم، وتلك التي تلحق ضرراً بالآخرين من غير المرشحين، أو تمس الأمن القومي.