يتذكر اللبنانيون اليوم في تجمع شعبي حاشد رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في الذكرى الثالثة لاستشهاده الذي هز لبنان والعالم العربي، وشكل تحولاً سياسياً كبيراً في الوضع السياسي اللبناني وفي العلاقة اللبنانية -السورية. وأدى، في خطوة دولية نادرة الى قيام محكمة خاصة ذات طابع دولي، لمحاكمة المتهمين بالجريمة التي أودت ايضاً بحياة النائب باسل فليحان الذي كان الى جانبه، وسائر الجرائم المرتبطة بها. ويفترض ان تبدأ المحكمة عملها في حزيران يونيو كما تفيد التقديرات، بعد تحويل التحقيق الدولي في الجريمة الى ادعاء عام. وتكتسب المناسبة هذه السنة أهمية خاصة، في ظل تصاعد الصراع السياسي في البلاد منذ عملية الاغتيال، والمحطات التي تنقل بينها وصولاً الى حصول الفراغ في رئاسة الجمهورية، على رغم توافق قوى الأكثرية والمعارضة على دعم قائد الجيش العماد ميشال سليمان للرئاسة. راجع ص 6 و7 و8 ويشكل الحشد الشعبي الذي حضّرت له قوى الأكثرية خلال الأسبوعين الماضيين، اختباراً جديداً لقوتها الشعبية والذي يريده بعض قادتها دافعاً نحو تسوية متوازنة فيما يتخوف المراقبون من ان يكون فاتحة مرحلة جديدة من الصراع بعد التوترات الأمنية والتشنجات والتصريحات المتبادلة التي شهدها لبنان على مدى الأسابيع الماضية... على وقع عجز المبادرة العربية عن إحداث اختراق في جدار الأزمة السياسية، نتيجة الخلاف على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وإذ يتذكر محبو الحريري في الذكرى الثالثة، الرجل الاستثنائي الذي تبوأ الزعامة السياسية على طائفته ومناطق عدة بسرعة كبيرة، وتولى رئاسة الحكومة وقاد إعادة الإعمار، وشكل نقطة لقاء العديد من القوى السياسية واستوحى الاعتدال في معالجة الصراعات، واستخدم علاقاته العربية والدولية لمصلحة لبنان، فإن المناسبة ستتحول الى مهرجان خطابي يعلن فيه قادة الأكثرية مواقفهم من الوضع القائم في البلد، ومن جهود التسوية التي تسعى إليها الجامعة العربية. وبدأ الجيش اللبناني والقوى الأمنية منذ أيام اتخاذ تدابير استثنائية لضمان الهدوء على الطرق التي ستسلكها وفود شعبية من كل المناطق الى وسط بيروت، فضلاً عن تدابير ستفصل بين موقع التجمع الشعبي لقوى 14 آذار، وبين موقع اعتصام المعارضة في ساحتي رياض الصلح والدباس منذ 1-12-2006 لإسقاط حكومة السنيورة، منعاً للاحتكاك. وأخذ قادة المعارضة و"حزب الله"إجراءات للحؤول دون أي صدام بين الجانبين، كذلك قوى 14 آذار. ووجه السنيورة كلمة متلفزة الى اللبنانيين في الذكرى الثالثة لاستشهاد الحريري، قال فيها ان"لبنان ما زال يبحث عن العدالة ويناضل لتثبيت استقلاله، لأن المجرمين الذين ارتكبوا الجريمة النكراء لا يزالون بعيدين عن يد العدالة، وإن كانوا ربما أحسوا بخطرها وبقرب إدانتهم وكشف فعلتهم أمام المحكمة الدولية. ولهذه الأسباب ازداد توترهم وصلفُهم وهياجهم ضد لبنان". ونبه الى ان"قضية الاستقلال والدولة المدنية وتطبيق اتفاق الطائف ليست قضية مجموعة أو فئة وليست قضية أكثرية أو أقلية، وموالاة ومعارضة، بل قضية الوطن كله ومن هنا تكمن أهمية المحكمة ذات الطابع الدولي لردع ووقف مسلسل الاغتيال والإرهاب". وأكد ان"لا أحد في لبنان يستطيع إلغاء أحد ولا يريده، وما كان الإلغاء أو رفض الآخر رؤية الشهيد رفيق الحريري". وقال زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري في حديث الى"هيئة الإذاعة البريطانية"بي بي سي أن"الذي يعطل لبنان هو النظام السوري المتحالف مع إيران، ولكن ستكون لنا بعد 14 شباط سلسلة لقاءات بين قوى 14 آذار وسنتخذ عدة خطوات لنحاول انتخاب رئيس الجمهورية". وكان الحريري التقى أمس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون الذي قال انه نقل إليه رسالة من بان كي مون"وعبّرت له عن الالتزام الكامل للأمم المتحدة حيال التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري والآخرين الذين استشهدوا في هذا اليوم الحزين منذ ثلاث سنوات، كما عبّرت له عن التزامنا الكامل قيام المحكمة الدولية وإننا مقتنعون بأنها ستبدأ عملها قريباً، و أهمية ذلك تكمن في إحلال العدل وأنه لن يكون هناك إفلات من العقاب، وسنشهد دفعاً لسيادة لبنان واستقلاله واستقراره".