تكاثرت الدعوات الى التهدئة والتسوية السياسية والحلول للأزمة السياسية في لبنان أمس، وقبل 24 ساعة من إحياء الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري غداً الأربعاء في 14 شباط فبراير، بتجمع شعبي حاشد في ساحة الشهداء حيث ضريح الرئيس الراحل، بدعوة من قوى 14 آذار تحت شعار"لبنان أولاً في وجه المنادين على لبنان في ساحة المحاور الخارجية... والفخر بلبنان في وجه محاولة رهنه الى التبعية ولحماية استقلاله من وجه المحرضين للبيع في سوق المصالح الإقليمية". وفيما بقي الحديث عن اتصالات جارية بعيداً عن الأضواء بين بعض أفرقاء المعارضة وآخرين في الاكثرية حذراً، وسط تسريبات متناقضة حول ما أنجزته هذه الاتصالات، فإن الأخيرة لم تحقق بعد نتائج عملية واضحة، على رغم انها تتناول تجزئة الحل بتشكيل لجنة، أو فريق عمل من الجانبين ليبدأ بدرس ملاحظات المعارضة على مشروع الاتفاق مع الأممالمتحدة على المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في اغتيال الحريري ورفاقه والجرائم المرتبطة بها، على ان يجري انجاز الاتفاق حول النقاط الاخرى، بما فيها توسيع الحكومة، مع انتهاء ذاك الفريق من وضع تقريره، فيتم تظهير الحل المتكامل والشامل في حينها. في غضون ذلك، اعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من دمشق بعد لقائه الرئيس بشار الأسد ان الحل في لبنان يحتاج الى"مناقشات وتوافقات وصياغات وجهود ليست رهن جهد يبذل في يوم أو أسبوع، انما رهن جهد مستمر ومتواصل". وشدد على ضرورة"الحل عقدة بعد عقدة". راجع ص 8 وإذ أوضحت مصادر سورية وديبلوماسية عربية ل"الحياة"ان زيارة موسى العاصمة السورية استهدفت التشاور لا تحقيق اختراق، وانه سيزور لبنان بعد ذكرى 14 شباط، كرر المسؤولون السوريون تأكيدهم ان"التوافق اللبناني اساس الحل بما فيه الثلث الضامن في الحكومة وعدم التسرع في إقرار نظام المحكمة التي لا علاقة لسورية بها". وجاءت زيارة موسى لدمشق بعدما ابلغ بعض قادة المعارضة الحلفاء لسورية بعض قادة قوى 14 آذار، في اتصالات جانبية ان المعارضة تفضل البحث عن حلول عن طريق قناة غير قناة الأمين العام للجامعة، وأكدت تفضيلها ألا يأتي الى لبنان في هذه المرحلة. وفيما ذكرت مصادر قريبة من قادة المعارضة ان بعض قوى الأكثرية وافق على صيغة لتوسيع الحكومة على قاعدة التسليم بالثلث المعطل للمعارضة أي صيغة 19-11 مقابل تشكيل لجنة من الفريقين لبحث تعديلات المحكمة، أكدت ل"الحياة"مصادر من الاكثرية رافقت الاتصالات الجارية بعيداً عن الاضواء ان الموافقة على تشكيل اللجنة من الجانبين هي كي تدرس التعديلات على أن تجري حلحلة الخلافات حول تشكيل الحكومة في شكل موازٍ، للاتفاق على حل لصيغة 19-11 او صيغة 19-10-1 حيادي. لكن مصادر في المعارضة تأمل باتفاق على صيغة 19-11، طالما ان قادتها سيقدمون ضمانات بألا يستقيل الثلث زائد واحد الذي يمثل المعارضة من الحكومة، وطالما ان الاتفاق على الحل سيشمل نقاطاً مهمة، منها تنفيذ موجبات مؤتمر"باريس -3"والالتزام بالقرار الدولي الرقم 1701. وعلى رغم بقاء الأمور ضبابية في الاتصالات المتكتمة الدائرة، فإن زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري يخرجون من عنده بشيء من التفاؤل. إذ أوضح النائب غسان تويني بعد زيارته أنه يبدو أن كل شيء على النار في هذه المرحلة"، مشيراً الى ان بري"لم يستطع وضعي في تفاصيل، ولم أشأ أن أؤدي دور الصحافي واستنطقه، لكن ما أستطيع قوله إنني أغادر مطمئناً". وقال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة:"أنا من المؤمنين بأننا سائرون في اتجاه الحل ولكن علينا ان نبتعد عما يفرق وليس من الحكمة استعمال التصريحات النارية". واستقبل السنيورة السفير السعودي في بيروت عبدالعزيز خوجة. وحرص السنيورة خلال استقباله خوجة على شكر الجهود الخيرة للسعودية بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مركزاً على المساعدات التي قدمتها لإعادة بناء ما هدمه العدوان الاسرائيلي في الضاحية الجنوبيةلبيروت وفي جنوبلبنان، ومشيراً الى ان المملكة تعهدت ببناء 101 قرية من اصل 335 قرية تمثل نصف كلفة إعادة الإعمار. وأكد البت ب85 قرية من التي تعهدتها السعودية، وان المبالغ التي صرفت من المساعدة السعودية تزيد على 80 مليون دولار. وفي سياق الدعوات الى المشاركة في تجمع الغد في ذكرى الحريري، والتي اقترنت بالدعوة الى التسوية السياسية، قال رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط أمس ان الذكرى"تعني اختيار مشروع الدولة وحدها دون سواها... وفق اتفاق الطائف". وإذ ذكّر جنبلاط بصفات الرئيس الحريري قال:"لا تزال آفاق التسوية السياسية ممكنة، على رغم كل الاختلافات وعلى رغم كل الاحتقان الناتج عن خطابات التهويل والتهديد، والتسوية هي السبيل الوحيد لولوج مرحلة جديدة، ولتكن المحكمة الدولية في الذكرى السنوية لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مدخل هذه التسوية عبر إقرارها والسير بها. ...". فيلتمان وكان لافتاً اعلان السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان بعد لقائه النائب الحريري امس، ان"أعظم تقدمة للرئيس الراحل وللذين قدموا أرواحهم من اجل لبنان حر، مصالحة حقيقية". وأكد دعم بلاد الشعب اللبناني في معرفة الحقيقة. وإذ اعاد فيلتمان الى الذاكرة أحداثاً ماضية، اشار الى قرارات كانت"تفرض، صنعت في سورية". 14 آذار تهاجم الأسد ومساء عقدت قيادات قوى 14 آذار اجتماعاً في دارة آل الحريري، تلا بعده النائب الحريري بياناً باسمها جاء فيه:"قبل عامين، حاول نظام بشار الأسد اغتيال لبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب الشهيد باسل فليحان ورفاقهما الأبرار. وأضاف:"منذ ذلك التاريخ، ومحاولة اغتيال لبنان مستمرة، ومقاومة اللبنانيين لها مستمرة ايضاً". وعدد مسلسل الاغتيالات ومحاولات الاغتيال مؤكداً انهم"حاولوا اغتيال لبنان بمحاولة خنق بيروت، ومنع الهواء عن قلبها، وتشويه صورتها امام العرب والعالم". واعتبر انهم"اليوم يحاولون اغتيال لبنان بمحاولة اغتيال المحكمة الدولية، بصفتها الضمانة الوحيدة بأن الحقيقة ستعلن". ودعا الى التجمع السلمي والديموقراطي في الذكرى السنوية الثانية ل14 شباط المشؤوم، دفاعاً عن الوجود. وفي وجه محاولة إعادة وصاية الجزار على الضحية". وقال:"أنتم مدعوون الى استعادة الحياة في وجه الموت. والى طلب الحقيقة في وجه الكذب، وقول الحق في وجه الباطل والمجاهرة بطلب العدالة في وجه التغطية على القاتل".