يحتفل الألمان هذه الأيام، بالسنة الألمانية للرياضيات، إذ اختارت وزارة التعليم والبحث العلمي عام 2008 عاماً رسمياً للرياضيات، وخلال افتتاح الاحتفالات بهذه السنة، أكد رئيس الاتحاد الألماني لعلماء الرياضيات التواصل الحضاري وتبادل الأبحاث والنظريات الرياضية بين العلماء الأوروبيين ونظرائهم العرب والمسلمين والهنود واليونانيين والبابليين، لافتاً الى ريادة العلماء العرب والمسلمين الكبار في العصور الوسطى وإسهاماتهم في علوم الرياضيات وابتكارهم للرقم الصفر وإسهامهم في تطوير علم الجبر والهندسة الفراغية واللوغاريتمات التي أصبحت مسلمات علمية ثابتة، متحدثاً عن دور الفنون والعمارة الإسلامية في توثيق مادة حساب المثلثات ونقلها الى الأوروبيين. ويرجع اهتمام الألمان بالرياضيات، الى إدراكهم الكبير أهميتها في الحياة العلمية، فهي تمثل لغة مشتركة لكل العلوم الطبيعية، وتحول كثير من الأشياء غير الموجودة الى حقائق، لذا تولي ألمانيا اهتماماً كبيراً بأجيالها الصاعدة، تجنباً لأخطار المستقبل، وحفاظاً على قوة الدولة العلمية وقدراتها التكنولوجية. كذلك تولي دول العالم المتقدم أهمية كبرى لمدى استفادة الطلبة من مادتي الرياضيات والفيزياء، فيما تعقد لجان متخصصة لزيادة الاهتمام بالطلبة ذوي التحصيل الدراسي المتدني ولتقويم النتائج التي يحصلون عليها ومدى توافقها مع الخطط المستقبلية، كما تجري المراكز العلمية المتخصصة أبحاثاً دورية على المواد الدراسية ونسب التحصيل فيها. وتُبدي الإدارة الأميركية تخوفاً كبير من تدني مستوى طلابها في مادتي الرياضيات والفيزياء، وتضع الخطط من أجل مواجهة هذا التحدي الكبير، وتطوير قدرات طلابها. أما نحن كعرب مؤسسي الرياضيات والفلك والطب والفيزياء، فإلى أين وصل بنا المطاف؟ وما هي الخطط التي أعددناها لمواجهة تحديات المستقبل؟ وما هي استراتيجياتنا للعودة الى تاريخنا العلمي الأصيل؟ متى نصحو من غفلتنا ونستغني عن الآخرين؟ كل يوم نشاهد فضائيات عربية ماجنة جديدة تبث آخر أخبار التقهقر القيمي والأخلاقي، والانقلاب على المبادئ والتقاليد ومعايير الفطرة السليمة، اما العلم والاختراعات والابتكارات فآخر ما ينظر إليها في وطننا العربي، وقد تسمع قصصاً عجيبة لأثرياء عرب كيف يبددون أموالهم على توافه الأمور. إننا في حاجة ماسة الى تقييم النظام التعليمي في وطننا العربي برمته، والاهتمام بأجيالنا الصاعدة، والوقوف بجانبهم في مواجهة طغيان الثقافات الغربية، والعمل على تطوير المواد الدراسية بما يتناسب والعصر الحديث وثورته الاتصالية، كما إننا في حاجة الى خطط عملية لتنمية المهارات العلمية لدى أبنائنا وتعزيز التفكير النقدي لديهم، إضافة الى وضع استراتيجيات جديدة لمعالجة القصور في التحصيل الدراسي في الرياضيات، فضلاً عن هيئات عربية لتنمية البحث العلمي بالرياضيات، والاهتمام بالمدارس ورصد الموازنات بهدف النهضة في وطننا العربي. غسان مصطفى الشامي - بريد إلكتروني