حذرت الهند أمس، من ان الهجمات التي استهدفت مدينة بومباي لمدة ثلاثة أيام الأسبوع الماضي وأسفرت عن مقتل 195 شخصاً، تشكل"انتكاسة خطرة"للعلاقات مع باكستان، في وقت شدد الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري على ان المتشددين يملكون قوة"إشعال حرب"في المنطقة، فيما دعت الولاياتالمتحدة إسلام آباد الى إبداء تعاون"مطلق"مع التحقيق الذي تجريه نيودلهي في الهجمات. وأعلن سكرتير الدولة للشؤون الخارجية اناند شارما ان الهجمات توجه"ضربة خطرة"لعملية تطبيع العلاقات، وإجراءات تعزيز الثقة المتبادلة مع باكستان والتي انطلقت عام 2004،"خصوصاً ان المسلحين جميعهم قدموا من أراضيها". وأكد ان الوقت حان لكي تفي إسلام آباد بوعدها للحيلولة دون اتخاذ أراضى باكستان نقطة لشن هجمات على الهند. وأفادت مصادر في الحكومة الهندية بأن نيودلهي مقتنعة بشكل شبه كامل بأن منفذي العملية هم جماعة"عسكر طيبة"التي تتخذ من باكستان مقراً لها بمساعدة عناصر في الاستخبارات الباكستانية. وكشف ضابط بارز في الشرطة مطلع على التحقيق أن المسلح عزام أمير كاساف 21 سنة الذي اعتقل خلال الهجمات قال انه"تدرب طيلة اشهر على أسلوب قوات الكوماندوس في معسكرات لمسلحين إسلاميين في باكستان، حيث صدرت أوامر تنفيذ الهجوم"، مضيفاً ان"المعسكر نظمته جماعة عسكر طيبة، وأجراه عضو سابق في الجيش الباكستاني". وأشار الضابط الى ان التدريبات شملت التعامل مع السلاح وصنع قنابل واستراتيجيات البقاء والعيش في بيئة بحرية وحتى تطبيق نظم غذائية". كذلك اكد نائب وزير الداخلية الهندي شاكيل احمد ان المنفذين باكستانيو الأصل. وابلغ الرئيس الباكستاني زرداري صحيفة"فايننشال تايمز"انه"حتى لو ارتبط المهاجمون بعسكر الطيبة, فمن تظنون أننا نقاتل على طول حدودنا مع أفغانستان". وتابع:"اننا نعيش في زمن صعب أخذنا فيه فاعلين غير رسميين الى الحرب، سواء منفذي اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001، او اولئك الذين اسهموا في تصعيد الوضع في العراق". وناشد زرداري الهند عدم معاقبة بلاده على الهجمات، محذراً من ان استفزاز"فاعلين مارقين"يهدد بعودة الحرب بين الجارتين المزودتين سلاحاً نووياً، مشدداً على أن التوتر"سيجبر باكستان على تركيز قدراتها العسكرية على حدودها الشرقية مع الهند"، أي بعيداً من الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد المتشددين على الحدود مع أفغانستان. لكن بي بي رحمن، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الهندية، وصف تصريحات باكستان حول التفجيرات بأنها"جزء من ابتزاز معتاد للولايات المتحدة يهدف الى نيلها اهتماماً اكبر في القضايا الهندية - الباكستانية. وهي تعتقد أن هذا النوع من الحجج سيجعل الولاياتالمتحدة تنهض وتنتبه لحساسياتها، وتفعل شيئاً في ظل تحسن العلاقات بين واشنطنونيودلهي، وصولاً الى ابرامهما اتفاقاً نووياً". في غضون ذلك، أكّدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي ستزور الهند غداً اهمية تعاون باكستان الكامل مع التحقيقات الهندية في الهجمات. وأضافت:"نتوقع تعاوناً كاملاً ومطلقاً وشفافية تامة, ومتابعة الأدلة بأعلى مستوى من الالتزام والحزم"، مشيرة الى ان التعاون سيشمل قوات الأمن في البلدين وأجهزة الاستخبارات من اجل"الذهاب الى جوهر الأمور", علماً ان باكستان تراجعت نهاية الأسبوع الماضي عن موافقتها على إرسال رئيس جهاز استخباراتها اللواء احمد شجاعة باشا الى الهند. استقالات متواصلة ووسط تصاعد حال الغضب الشعبي من الهجمات، عرض فيلاسراو ديشموخ، رئيس وزراء ولاية مهاراشترا التي تعتبر بومباي عاصمتها تقديم استقالته، وقال:"اذا وقعت مسؤولية منع الاعتداءات على عاتق رئيس حكومة الولاية فسأرحل، ويعود القرار النهائي الى قيادة حزب المؤتمر الحاكم"، علماً ان نائبه ار ار باتيل استقال من منصبه. وكان وزير الداخلية الهندي سيفراج باتيل استقال اول من امس، كما عرض مستشار الأمن القومي إم كي نارايانان التنحي، لكن يرجح ان يبقى في منصبه. وأعلنت استراليا امس مقتل مواطن ثانٍ في اعتداءات بومباي هو دوغلاس ماركل 71 سنة، بعدما أشارت سابقاً الى سقوط بريت جيلبرت تايلور 49 سنة، وجرح أربعة استراليين آخرين. تحقيقات بريطانية وفي لندن، كشفت صحيفة"ذي غارديان"أن أجهزة الاستخبارات البريطانية فتحت تحقيقاً خاصاً حول تفجيرات بومباي، وتأثيرها على المملكة المتحدة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بريطانيين في مجال مكافحة الإرهاب أن جهاز الأمن الخارجي إم آي 6 وجهاز الأمن الداخلي إم آي 5 وجهاز أمن المعلومات المعروف باسم"مركز قيادة الاتصالات الحكومية"تدرس التكتيكات التي اتبعها الإرهابيون الذين نفذوا تفجيرات بومباي، وتحقق في مصادر تمويلهم للتعرف بدقة على طبيعة الاتصالات بينهم وبين جماعات باكستانية مسلحة، والتهديدات المحتملة الجديدة على المصالح البريطانية في الخارج وداخل المملكة المتحدة". وأضافت أن السؤال الأول الذي تريد أجهزة الأمن البريطانية جواباً عليه هو"معرفة ما إذا كان لبريطانية علاقة بالمنفذين، على رغم تأكيد عدم وجود أي دليل على هذه الصلة حتى الآن". نشر في العدد: 16678 ت.م: 02-12-2008 ص: 18 ط: الرياض