ما كاد جون ماكين يختار ساره بالين لمنصب نائب الرئيس معه حتى رددت الصحف نقلاً عن مدونات ومواقع أخرى على الإنترنت أن ابنتها بريستول حامل، وأسرع المنافس الديموقراطي باراك أوباما الى التصريح بأن الحياة الشخصية للمرشحين ممنوع الخوض فيها. البنت مراهقة في السابعة عشرة حملت خارج نطاق الزوجية من صديق لها في آلاسكا قيل ان اسمه ليفي جونستون. وقد أصدرت الأم بياناً بعد تردد خبر الحمل أنها وزوجها"فخوران بأن يصبحا جدين". ما سبق مقدمة أكمل بعدها بالكتاب"نمط العالم: قصة الحقيقة والأمل في عصر التطرف"من تأليف رون ساسكايند، وهو صحافي أميركي بارز وفائز بجائزة بوليتزر. الكتاب أثار ضجة على جانبي المحيط الأطلسي، خصوصاً أن المؤلف يزعم ان عميلاً للاستخبارات البريطانية قابل طاهر جليل حبّوش، رئيس الاستخبارات العراقية، في عمان قرب مطلع 2003، وبلغه هذا ان العراق لا يملك أسلحة دمار شامل، وأن المعلومات نقلت الى رئيس الوزراء في حينه توني بلير، ولكن"جماعة تشيني"كانوا مصرّين على الحرب. نعرف ان المعلومات عن العراق كتمت، وزودت معلومات أخرى، وكتاب ساسكايند دليل آخر على تواطؤ ادارة بوش وحكومة بلير لخوض حرب غير مبررة قتلت مليون عراقي. ما سبق مقدمة أخرى، فموضوعي اليوم هو شيء ورد في الصفحات 179 - 182 من الكتاب، فالمؤلف يتحدث عن اتصالات قبل الحرب بين وكالة الاستخبارات المركزية سي آي ايه ووزير خارجية العراق السابق ناجي صبري، ويقول ان صحافياً لبنانياً عمل وسيطاً بين الطرفين، وانه حمل 200 ألف دولار لصبري مقابل معلومات عن الوضع الداخلي العراقي. بعد صدور الكتاب نشر موقع"فيلكا اسرائيل"على الإنترنت ما خلاصته ان الصحافي المعني هو الزميلة راغدة درغام، وان الإشارة الى"نشاطها التجسسي"وردت في الكتاب في شكل"لا شك فيه"، وأنها تعيش في نيويورك وتساكن اسرائيلياً ولها منه طفلة، وانها ليست الجاسوسة الوحيدة من الصحافيين اللبنانيين لمصلحة اسرائيل وأميركا"بل ان معظم المشاركين في وظائف صحافية في صحف السعودية، وخصوصاً في"الشرق الأوسط"و"الحياة"هم جواسيس، وقد كشفنا نشاط بعضهم هنا على صفحات فيلكا اسرائيل". ساسكايند أصدر في منتصف الشهر الماضي على موقعه الإلكتروني نفياً أترجمه حرفياً: في الصفحات 179 - 182 من كتابي نمط العالم، بحثت في اتصالات سي آي إيه قبل الحرب مع وزير خارجية العراق السابق ناجي صبري. وفي هذا الجزء ذكرت صحافياً لبنانياً عمل وسيطاً بين سي آي ايه وصبري، من دون ذكر اسم الصحافي أو جنسه ذكراً أو أنثى. ليكن معلوماً ان الصحافي هذا ليس راغدة درغام، المراسلة الديبلوماسية/ البارزة ل"الحياة"، وان الوسيط مع صبري الذي لا تزال هويته سرية رجل. راغدة أخت الرجال، إلا انها ليست جاسوسة والمؤلف حسم الأمر، ولكن الموقع الإلكتروني نقل التهمة الى الصحافيين في"الشرق الأوسط"و"الحياة"، وعندي التالي: - لا اتفق مع راغدة درغام على شيء في السياسة إطلاقاً، والى درجة انني طلبت منها السنة الماضية ألاّ تناقشني في أي سياسة عربية حتى لا نتخاصم. - راغدة درغام لم تزر العراق في حياتها، قبل 2003 أو بعدها، ولا يمكن أن تحمل مبلغ 200 ألف دولار عبر مطارات عالمية وتنجو، ثم انني لا أتصور أن تُعطَى راغدة 200 ألف دولار وتتنازل عنها لوزير أو رئيس دولة. - الجواسيس هم الذين يختبئون وراء أسماء وهمية ومواقع سرية، ويهاجمون الآخرين لمجرد خلاف في الرأي، فهم متخلفون ديموقراطياً وإنسانياً. أما العاملون في"الشرق الأوسط"و"الحياة"فهم الشرفاء الذين يحمل الواحد منهم روحه على راحته وهو يغطي الأخبار من موقع الحدث. - راغدة درغام لا تقيم مع اسرائيلي في نيويورك، وأنا أعرف شقتها الصغيرة التي لم تتغير منذ عقدين، وأعرف كل أصدقائها ومعارفها، وأعرفها منذ عملها في"الحوادث"وتعاقدت معها للعمل في"الحياة"من دون أن أتفق معها سياسياً في شيء، غير ان الجريدة تتسع للجميع. وأعود الى مقدمتي الأولى، فحتى الأجانب لا يخوضون في أمور عائلية، ويقحمون ابنة المرشحة في خصوماتهم، وأي خلاف مع راغدة درغام لا يبرر ان تقحم فيه ابنتها المراهقة التي دخلت الجامعة هذه السنة، وتتكلم عربية مكسّرة، ولا تقرأ ما تكتب أمها أو تفهمه لو قرأته، ثم تجد نفسها أمام كذبة أن أباها اسرائيلي، ما يعرّض حياتها للخطر في كل بلد عربي أو اسلامي. وكان يجدر بالذين هاجموا راغدة درغام والذين صدقوهم أن يذكروا القول الكريم:"ولا تزر وازرة وزر أخرى".