شهد "السباق الى البيت الأبيض" انطلاقة بطيئة أمس، من ولاية ايوا الريفية حيث انصب اهتمام المرشحين على إقناع الناخبين في الولاية، ومعظمهم من المزارعين والعمال أو المتقاعدين المتقدمين في السن، بالإدلاء بأصواتهم في طقس بارد تدنت معه درجة الحرارة الى 20 تحت الصفر. السناتور هيلاري كلينتون الطامحة للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية كانت سباقة كعادتها الى الابتكار، ووزعت رفوشاً على المتطوعين في حملتها لإزالة الثلوج من أمام منازل الناخبين، وعرضت تأمين حاضنات للأطفال لتمكين الأمهات من التوجه الى مراكز الاقتراع. في المقابل، راح منافسها على ترشيح الحزب الديموقراطي السناتور باراك اوباما يحض ناخبي الولاية المعروفين ببرودتهم على الخروج من منازلهم:"تحركوا بسرعة، وصوّتوا...". وفي وقت تأرجح تأييد ناخبي الولاية المعروفين بتطرفهم يميناً أو يساراً، بدت حملة المرشح الديموقراطي الثالث جون ادواردز اكثر تنظيماً، لكن تنظيم ادواردز وابتكارات هيلاري لم تحل دون تسجيل اوباما تقدماً عليهما في استطلاعات الرأي قبل ساعات من الانتخابات التمهيدية. وراهن المتنافسون على الفوز بترشيحي الحزبين الجمهوري والديموقراطي للرئاسة، على مشاركة أوسع في ايوا التي تنطلق منها عادة الانتخابات التمهيدية، ما أطلق على الولاية صفة"صانعة الرؤساء"، كونها تتيح للفائزين فيها فرصة الظهور الأول في السباق الرئاسي الذي سيصل الى ذروته في 22 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وكون السباق ينتهي باختيار خلف للرئيس جورج بوش، حضرت بقوة في الحملات الانتخابية مسألتا إيجاد مخرج من المستنقع العراقي وتحصين الأمن القومي، لكنهما لم تطغيا على القضايا الداخلية، خصوصاً الوضع الاقتصادي. وراهن القس مايك هاكابي الطامح الى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، على تهافت الناخبين الانجيليين واليمينيين المحافظين على مراكز الاقتراع البالغ عددها 1800، وبدا واثقاً بتصدر"السباق الجمهوري"في الولاية، كون الانجيليين يشكلون 40 في المئة من ناخبي الحزب هناك. وشوهد هاكابي يجول في الولاية حيث مسقط رأس الممثل الراحل جون واين برفقة بطل أفلام التشويق شاك نوريس، في محاولة لجذب أصوات ناخبين غير تقليديين. وفي المعسكر الجمهوري، نافس هاكابي وهو حاكم سابق لولاية اركنساو مسقط رأس كلينتون، حاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني الذي عوّل على تنظيم جيد لحملته ورصيده الهائل من التبرعات. وتنافس السناتور الجمهوري جون ماكين مع ممثل هوليوود فرد تومبسون على المركز الثالث بين الجمهوريين، أملاً بمراحل مقبلة من السباق. ويسهل الفوز في ايوا للمرشحين كسب أصوات ولاية نيو هامبشير التي تجرى فيها الانتخابات الأحد المقبل، وشدد خبراء على أن الامتحان الحقيقي للمرشحين هو في قدراتهم التنظيمية وخلال شهور طويلة جال المرشحون بلا كلل في أنحاء الولاية، المصدر الرئيس للذرة في الولاياتالمتحدة. ولم يدخر اي منهم الوقت او المال في سبيل كسب ود الناخبين الذين يناهز عددهم مليوناً من اصل ثلاثة ملايين هم عدد سكان ايوا، إذ أنفِق اكثر من 40 مليون دولار في الحملات الدعائية، اي ما معدله 200 دولار على كل ناخب. وبرزت القضايا الداخلية، من تأمين صحي ووقف الهجرة غير الشرعية ومعالجة مشكلة البطالة في هذه الحملة في شكل أقوى من 2004 حين احتلت الصدارة قضيتا"الحرب على الإرهاب"والوضع في العراق. وتجرى الانتخابات التمهيدية للرئاسة الاميركية وفق نظام المجالس الناخبة كوكوس التي تشكل نموذجاً للديموقراطية المباشرة ومعضلة اجرائية. وعلى الناخبين ان يأتوا في الوقت ذاته للتصويت وليس في الوقت الذي يختارونه كما يحصل في الانتخابات العامة. وتستمر عملية الاقتراع بين ساعة وساعتين.