في وقت رفضت القاهرة أمس انتقادات أميركية للأحكام بحبس سبعة صحافيين، بينهم خمسة رؤساء تحرير، واعتبرتها"تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية"، حددت السلطات أمس 11 تشرين الأول أكتوبر المقبل موعداً للتحقيق مع رئيس تحرير جريدة "البديل" المستقلة الدكتور محمد السيد سعيد في دعوى رفعها محام ينتمي إلى الحزب"الوطني الديموقراطي"الحاكم يتهمه فيها ب"الإضرار بالأمن القومي وترويج إشاعة مرض الرئيس"حسني مبارك. وردت وزارة الخارجية المصرية أمس على تصريحات الناطقة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو التي قالت فيها إن الأحكام بحبس الصحافيين السبعة"انتكاسة لحرية الصحافة والمجتمع المدني في مصر". واعتبر الناطق باسم الوزراة السفير حسام زكي أن"التصريحات الأميركية تعكس خلطاً للأمور، إما في شكل متعمد أو غير متعمد، وعدم معرفة بالواقع المصري". وكانت محكمة قضت بحبس رؤساء تحرير صحف"الدستور"إبراهيم عيسى، و"صوت الأمة"وائل الإبراشي، و"الفجر"عادل حمودة، و"الكرامة"عبدالحليم قنديل، سنة وتغريم كل منهم 20 ألف جنيه بتهمة إهانة الرئيس مبارك ورموز الحزب الحاكم. وبعد أقل من أسبوعين، قررت محكمة أخرى حبس رئيس تحرير صحيفة"الوفد"المعارضة أنور الهواري وصحافيين في الجريدة بتهمة إهانة القضاة. وكانت بيرينو قالت في بيان إن"الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السلطات المصرية تبدو متعارضة مع تعهد الحكومة المعلن توسيع الحقوق الديموقراطية". ورأى زكي أن البيان الأميركي"يتحدث عن قرار للحكومة بإدانة وحبس عدد من رؤساء التحرير، وهو الأمر الذي لا يجافي الحقيقة فقط، بل ينكر على مصر قضاءها المستقل الذي تفخر به". وشدد على أن"القانون هو السيد على أرض مصر، وتطبيقه يتم من خلال القضاء وفق آليات مستقرة ومستقلة". واعتبر أن"مطالبة المسؤولة الأميركية الحكومة المصرية برفع القيود على أنشطة المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك القيود المفروضة على قبول التمويل الخارجي، تطرح علامات استفهام عدة تستدعي التوقف عندها". وجاء الرد المصري في وقت أقام المحامي الذي حرك الدعوى ضد رؤساء التحرير الأربعة، دعوتين ضد رئيس تحرير صحيفة"البديل"يتهمه في الأولى بإهانة رموز الدولة، وفي الثانية ب"الإضرار بالأمن القومي على خلفية ترويج الصحيفة التي يرأس تحريرها إشاعات عن مرض الرئيس". وقال سعيد ل"الحياة":"لا أعتقد أنني مستهدف لشخصي، لكن الصحافة كلها مستهدفة وواضح أن الحكومة قررت استهداف الجريدة مبكراً في إطار سعيها للقضاء على هامش الحرية الضئيل للصحافة". وفي سياق المواجهة بين الحكم والصحافيين، علمت"الحياة"أن رؤساء تحرير الصحف المستقلة والمعارضة اتفقوا"من حيث المبدأ"على حجب صحفهم، احتجاجاً على التصعيد الحكومي. وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي ل"الحياة"إن"النقابة ستدعو أعضاءها إلى جمعية عامة طارئة بعد عيد الفطر، للبحث في سبل التصدي لهذا الاعتداء على حرية الرأى". وأوضح أن اجتماع لجنة متابعة الأزمة التي شكلتها النقابة الذي كان مقرراً أمس"أرجئ بسبب إصابة النقيب جلال عارف بأزمة قلبية في مقر النقابة". من جهة أخرى، أعربت"المنظمة المصرية لحقوق الإنسان"عن استنكارها لقرار إحالة رئيس تحرير"الدستور"على محكمة أمن الدولة العليا في قضية ترويج إشاعات مرض الرئيس، بدل محكمة الجنح العادية. وطالبت الرئيس مبارك بالتدخل، مشيرة إلى أن هذه المرة الأولى التي يحاكم فيها صحافي أمام محكمة استثنائية أحكامها غير قابلة للطعن.