قضت محكمة مصرية أمس على رؤساء تحرير أربع صحف مستقلة بالسجن سنة واحدة مع الاشغال بتهمة إهانة الرئيس حسني مبارك والحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، في دعوى رفعها محاميان ينتميان إلى الحزب. واعتبرت نقابة الصحافيين الحكم بمثابة"إعلان حرب". وقررت محكمة جنح العجوزة كذلك تغريم كل من رؤساء تحرير"الدستور"إبراهيم عيسى، و"صوت الأمة"وائل الإبراشي، و"الكرامة"عبدالحليم قنديل، و"الفجر"عادل حمودة 20 ألف جنيه بتهمة"نشر أخبار كاذبة عن سوء قصد في حق الرئيس مبارك بصفته رئيساً للحزب الوطني وسب عدد من رموز الحزب". ويأتي الحكم وسط جدل أثاره قرار لنيابة أمن الدولة العليا بإحالة عيسى على المحاكمة بتهمة ترويج إشاعات عن مرض الرئيس"أضرت بالاقتصاد القومي"، وطلب"المجلس الأعلى للصحافة"، وهو هيئة رسمية، التحقيق مع جريدتي"البديل"و"الكرامة"المستقلتين في القضية ذاتها، ما اعتبر معركة"كسر عظم"ضد الصحف المعارضة والمستقلة. وقال حمودة ل"الحياة"إن الحكم جاء"مفاجئاً وصادماً"، مشيراً إلى أنه توقع أن"تتجاهل المحكمة الدعوى لأن صاحبها غير ذي صفة أو مصلحة، لكن القاضي أضاف تهمة تكدير السلم العام". وأكد أن"هذه القضية تحديداً لم أعرها اهتماماً كبيراً، لأن صاحب الدعوى ليست له صفة لتحريكها". واتهم القاضي بأنه استغل"الحضور المكثف لوسائل الإعلام وراح يشيد بالرئيس ونجله وحزبه، معتبراً أن من حق أي أحد أن يقاضي الصحافة". وكان محاميان ينتميان إلى الحزب"الوطني"ادعيا على الصحافيين الأربعة أمام محكمة الجمالية التي قضت بعدم الاختصاص وأحالت القضية على محكمة العجوزة التي قضت أمس بحبسهم. وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن"وجدانها اطمأن إلى ارتكاب المتهمين جرائمهم، وثبتت لديها صفة مقيمي الدعوى في إقامتها، إذ وقع عليهما ضرر مباشر مما نشره المتهمون". واعتبرت أن"لأعضاء الحزب الحق في الدفاع عن قيادته طبقاً لأحكام القانون، لأن ما يتعلق بالحزب يتعلق بأعضائه". وأكدت أن"المتهمين نشروا أخباراً كاذبة تضر بالحزب الوطني واستخدموا ضده عبارات سب وقذف". وأثار الحكم استنكاراً واسعاً في الأوساط الصحافية والحقوقية. وقرر مجلس نقابة الصحافيين عقد اجتماع طارئ الأحد المقبل، دعا إليه رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية وكبار الصحافيين"لدرس الوسائل الكفيلة بمواجهة هذا العدوان وردّه". وأعربت النقابة عن"بالغ الدهشة والاستياء... لهذا اليوم الأسود في تاريخ الصحافة المصرية". واستغربت"الحكم غير المسبوق في تاريخ الصحافة والقضاء، على رغم أن القضية مرفوعة من غير ذي صفة". واعتبرت أن"صدور الحكم على هذا النحو وفي هذا التوقيت الذي يصادف حملة تحريض محمومة وواسعة على حرية الصحافة هو بمثابة إعلان حرب على حرية التعبير وعلى الهامش المتاح لحرية الصحافة". ودعت إلى"إلغاء ترسانة القوانين التي تهدف إلى ترويع الصحافيين وقصف الأقلام"، مشيرة إلى أن"لا ضمانة لأي حرية حقيقية إلا بتحصينها بالقوانين". وأكدت أنها"لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الهجمة".