مع تصاعد التوتر بين "كتائب ثورة العشرين" والعناصر الأمنية بعد حملة واسعة ضد تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" في أنحاء محافظة ديالى، تزايدت شكوك مسؤولين حكوميين حيال عودة الاستقرار الأمني الى مدينة بعقوبة بعد تجزئة مناطقها طائفياً وانتشار العناصر التابعة ل"الكتائب"في الأحياء وعودة الجثث المجهولة الى الشوارع والساحات العامة. وحذر أعضاء في المجلس المحلي من انفلات الوضع الامني بسبب تهاون الجهات المسؤولة ازاء الانتهاكات المرتكبة ضد العائلات العائدة. وشدد قائد الشرطة اللواء الركن غانم القريشي على ضرورة أن تتولى الجهات المختصة حماية العائلات العائدة الى المدينة بعد تهديدها بالقتل، وإشراف الجيش والشرطة على الملف الأمني الذي تسلمه رسمياً الأسبوع الماضي من القوات المتعددة الجنسية، ومن ثم حل التشكيلات المسلحة. وأكد ل"الحياة"انخفاض نسبة العائلات العائدة الى بعقوبة بعد تلقي البعض تهديدات بالقتل وتوعد منشورات وزعت باسم"كتائب ثورة العشرين"في عدد من الأحياء بقطع رؤوس العائلات في حال قررت العودة الى مناطق سكنها، متهماً الكتائب"بخطف وتعذيب عناصر من الشرطة واستهداف العائلات المهجرة على الطرق الرئيسة". إلى ذلك، أكدت عائلات تلقت تهديدات عبر الهاتف المحمول وأخرى عبر منشورات في أبي صيدا أن عليها"مغادرة المدينة، وإلا فإن الجماعات المسلحة ستنفذ تهديدها بقتلنا". وأشارت الى أن"الجهات الامنية غير متعاونة ولم تقدم لنا أي حماية بحجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية في المدينة بعد". وحذرت مصادر استخباراتية من تحول أحياء بعقوبة الى مناطق منقسمة طائفياً كما حدث في أحياء بغداد، إذ تشهد المدينة حالياً عمليات خطف وقتل بعد تفشي الانقسام الطائفي في المؤسسات الحكومية. وأكد مصدر طلب عدم ذكر اسمه ل"الحياة"أن"ظاهرة إلقاء الجثث عادت مجدداً الى الاحياء المعروفة باختلاطها الطائفي، وأن دائرة الطب العدلي في مستشفى بعقوبة العام تتسلم يومياً جثثاً مجهولة وعليها آثار تعذيب واطلاق نار في الرأس أو في مناطق مختلفة من الجسد". وحذّر من"توسع الظاهرة الى أحياء ومناطق أخرى ما لم تسارع الجهات المسؤولة إلى معالجتها فوراً". وكان عشرات المسلحين من جماعة"حماس - العراق"و"كتائب ثورة العشرين"التي استفادت من تعاونها مع القوات الاميركية في قتال"القاعدة"، نظموا مطلع الاسبوع الجاري تظاهرة في بعقوبة عاصمة المحافظة طالبت بإقالة قائد الشرطة اللواء غانم القريشي شارك فيها عضو مجلس محافظة ديالى ورئيس اللجنة الامنية ووكيل مدير الاستخبارات الجنائية في قيادة الشرطة وقائد مجموعات الكتائب، ورفعوا فيها لافتات تدعو الى حل جهاز الشرطة في المحافظة وتتهمه بالفساد وموالاة ايران. وعزا المقدم أحمد النداوي من مغاوير الشرطة في تصريحات الى"الحياة"تظاهرات الفصائل المسلحة، إلى تقديم القريشي أخيراً تقريراً مفصلاً إلى قيادة عمليات ديالى عن"الخروقات الامنية لفصائل تضم جماعات سنية مسلحة كانت شكلت مع أحزاب شيعية في نيسان أبريل الماضي مجلس إسناد ديالى من عناصر تطوع 1650 منهم في سلك الشرطة، وأُنيطت إلى 46 منهم مهمة الأمن في وسط بعقوبة، فيما تولى عدد من ضباطهم مسؤوليات الاستخبارات والمعلومات في قيادة الشرطة". وأضاف أن"من الاتهامات التي ساقها تقرير القريشي، استهداف هذه العناصر عدداً من العائلات المهجرة العائدة للتو وتوزيع منشورات باسم كتائب ثورة العشرين تحذر العائلات من العودة الى مناطق سكنها والتهديد بقطع رؤوس أبنائها، فضلاً عن عمليات ابتزاز للمواطنين". ولم يستبعد النداوي"تطور الموقف الى صدام مسلح بين الاجهزة الامنية والكتائب". ويعتقد مواطنون بأن"الحكومة العراقية فشلت في ارساء استقرار أمني في بعقوبة، في وقت تفرض الميليشيات المسلحة سيطرتها بدلاً من عناصر"القاعدة"والجيش بعد تسليحها عناصر خارجة عن المؤسسة العسكرية وطالب سكان حي النصر بحل الكتائب المسلحة باعتبارها سبباً في الازمة الامنية الحالية". وقال اللواء عبدالكريم الربيعي الذي تولى منصب قائد عمليات ديالى بدلاً من اللواء شاكر هليل الكعبي بعد اتهام الاخير بالتعاون مع تنظيم القاعدة ل"الحياة"إن"الكتائب المسلحة لعبت دوراً كبيراً في استقرار الاوضاع، ولكن انعدام المركزية في القرارات تسبب في الانتهاكات الحالية، وسنعمل على نشر قوات حكومية وليست شعبية في المدينة لأننا لا نريد قاعدة ثانية في بعقوبة".