على رغم مرور 30 سنة على وفاة المغني الأميركي الفيس بريسلي، إلا أن معجبيه ومحبيه في تزايد يوماً بعد يوم. وتنظم في ذكرى وفاته الاحتفالات والمهرجانات في مختلف دول العالم، ويقصد المعجبون قصره في غريسلاند الأميركية التي تحولت الى متحف يضم مقتنياته، لشراء تذكارات وللمشاركة في مزادات على أغراضه الشخصية التي تخطى سعر بعضها ملايين الدولارات. ولد الفيس بريسلي في كانون الثاني يناير 1935 في مدينة ممفيس، لعائلة فقيرة ومتدينة، وكان له أخ توأم لكنه توفي بعد ست ساعات من الولادة. عمل سائق شاحنة الى أن سجل اسطوانة خاصة به في 1953. وعندما عاد للاستديو لتسجيل اسطوانة اخرى ليهديها لأمه، سمعه سام فيليبس مالك الاستديو الذي كان يبحث عن مغن أبيض يستطيع أداء أغاني السود. شجع فيليبس الفيس ليسجل اسطوانة مع بيل بلاك Bass وسكوتي مور Guitarist المتأثران بأغاني الكاونتري وانتشرت أغنية الفيس That"s All Right Mama بسرعة كبيرة. بعد ذلك اصبح مهاجر هولندي غير قانوني اسمه كولونيل توم باركر مديراً لأعمال الفيس الذي تصدرت اغنيته المركز الاول في اغاني الكاونتري. وسجل توم عقداً لالفيس مع أبرز الشركات الانتاجية RCA بمبلغ قدره 35 ألف دولار. في العام 1956 سجل ألفيس أول أغنية له مع الشركة الجديدة فاحتلت المرتبة الأولى في أغاني الكاونتري والثانية في أغاني R&B. في العام نفسه شجع باركر الفيس على الدخول الى عالم السينما لكسب جمهور جديد، وغيرت هذه النقلة النوعية حياة الفيس اذ مثل في 21 فيلماً ومحققاً ايرادات عالية. ومن أبرز أفلامه Blue Hawaii و VIVA LAS VIGAS. .. في عام 1958 التحق الفيس بالخدمة العسكرية، واعتقد أنصاره والصحافيون ان فترة التجنيد الاجبارية ستهدم حياته الفنية، لكن الفترة التي قضاها في ألمانيا ساعدت على انتشار الروك أند رول في أوروبا، وأكسبته جمهوراً جديداً. تزوج ألفيس من بريسيلا في 1967 وعلى رغم جمالها الباهر لم تكن حياتهما سعيدة. وانجبت له ابنته الوحيدة ليزا. في السبعينات أخذ وزن الفيس يتضاعف في شكل غير طبيعي، ما أفقده ملامحه الطفولية، وراح يستهلك مواد طبية مضرة للصحة، وزواجه من بيرسيلا انتهى بالطلاق ما سبب له أزمة حادّة. وفي 16 آب أغسطس 1977 وجد الفيس ميتاً في حمام قصره في غريسلاند بسبب جرعة زائدة من الكوكايين والباربيتيوتيز... ومع ذلك أعلن رسمياً انه مات بسبب أزمة قلبية. والروك أند رول Rock and roll الذي اشتهر به الفيس هو نمط من العزف الموسيقي نشأ في أميركا في خمسينات القرن الماضي، وتضم موسيقى الروك عناصر من أنماط عدة للعزف الموسيقي مثل: بلوز وبوغي ووغي، جاز، لريثم وبلوز، إضافة الى تأثرها بموسيقى الريف الأميركي: الكاونتري والويسترن. لم يكن الفيس المغني الوحيد الذي حاول التوفيق بين موسيقى الكاونتري الخاصة بالبيض والبلوز الخاصة بالسود. لكنه نجح في أميركا المحافظة في حقبة الخمسينات في أن يكون اول من جعل الشباب البيض يرقصون على هذه الأنغام التي كانت حكراً على السود في علب الليل. وفي احدى المقابلات الصحافية قال العضو السابق في فرقة البيتلز جون لينون:"قبل الفيس لم يكن هناك شيء اسمه روك آند رول، لكن الدور الكبير الذي لعبه"ملك الروك"ادخل هذا النوع من الموسيقى الى الثقافة الشعبية الأميركية والعالم بأسره". بيع لألفيس اكثر من بليون تسجيل عالمياً، ويعتبر من اعظم المغنين في التاريخ، فقد استطاع ان يسجّل العديد من الارقام القياسية في المبيعات والمعجبين وحطّم الأرقام القياسية، فلديه 120 اغنية فردية وصلت الى افضل 40 أغنية أميركية و20 أغنية وصلت الى المركز الأول طوال عمره الفني. ولم يستطع أحد حتى الآن، كسر هذه الأرقام، حيث أن أقرب المنافسين لألفيس هي الفنانة الأميركية مادونا التي حققت 19 أغنية متتالية في قائمة أفضل الأغاني. وإثر نجاحه المذهل كمغن وممثل أصبح بريسلي احدى ايقونات الثقافة الأميركية العصرية، وعقب وفاته عام 1977 قال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر آنذاك إن"وفاة ألفيس بريسلي تفقد بلادنا جزءاً منها.. لقد كان فريداً ولا يمكن تعويضه، ولقد استطاع تغيير وجه الثقافة الشعبية الأميركية من خلال موسيقاه وشخصيته وجمعه بين نمطي موسيقى الكاونتري البيضاء والريذم آند بلوز السوداء. لقد كان ذا شعبية كبيرة ورمزاً للحياة والتمرد وروح فكاهة بلاده للكثيرين حول العالم". أثرت صور ألفيس في العالم اجتماعياً وسياسياً وثقافياً. فمعه تبلورت فكرة"السوق العالمية"للموسيقى، وقدرتها على التأثير في السياسيين. فهو أحد الذين أجبروا الأحزاب في العالم على إعادة التفكير في أجندتها التقليدية من أجل التركيز على مطالب الشباب وتطلعاتهم بعدما ظهرت قوتهم السياسية والشرائية. إلا أنه أثار غضب المحافظين في أميركا الذين رأوا. ان موسيقاه تحفز الشباب على التعبير عن رغباتهم وأفكارهم ومشاعرهم بحرية وجرأة في أميركا المحافظة في تلك الفترة. واشتهر الفيس برفعه ليديه أثناء الغناء، ورقصته الشهيرة"التويست"والغيتار والابتسامة المتألقة. يقول الفيس في أقدم أحاديثه الصحافية: عندما صعدت للمرة الأولى على الخشبة وواجهت الجمهور انتابني خوف شديد لم يسبق لي أن شعرت به في حياتي، لم أكن ادري ما الدافع إلى إحداث كل تلك الأصوات داخل صفوف المشاهدين، لم أتحقق حتى من الحركات التي كان جسدي يفعلها.كان شيئاً طبيعياً بالنسبة لي. وعندما غادرت الخشبة سألت المدير المسؤول عن تنظيم الحفلة عما فعلته على المسرح؟ فرد علي: ما فعلته يا بني أمر رائع، عد وكرره مرة أخرى! ومن أبرز أقوال"ملك الروك"الصورة شيء، والإنسان هو الآخر شيء آخر.