كاد دوي السجال بين زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون والرئيس السابق أمين الجميل، المرشح لملء المقعد النيابي الذي شغر باغتيال نجله الوزير والنائب بيار الجميل في دائرة المتن الشمالي، يطغى على بعض الإيجابية والليونة التي توصل اليها أمس وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في لقاءاته المكوكية بين أركان الأكثرية والمعارضة في لبنان، وممثلين عن المجتمع المدني، والتي أفضت الى اتفاق على لقاء بين أركان طاولة الحوار ال14 اليوم، الى مائدة الغداء في مقر السفير الفرنسي في قصر الصنوبر الأثري، على مستوى الصف الأول، باستثناء رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله اللذين سيوفدان من يمثلانهما الى الغداء، على أن يبحث على هامشه في استئناف الحوار استجابة للمبادرة الفرنسية. والهدف البحث في آلية لتطبيق التوافق على قيام حكومة وحدة وطنية، وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مع صيغة مقبولة لضمانات التنفيذ قد تتولاها فرنسا. راجع ص 6 و7. وفيما أشار بعض المعلومات الى أن من الأفكار المطروحة قيام حكومة جديدة، مع بيان وزاري جديد يتفق مسبقاً على مضمونه فيكون جزءاً من الضمانات السياسية حول المرحلة المقبلة، سار التحرك الفرنسي الذي قاده كوشنير أمس في بيروت يرافقه موفده السفير جان كلود كوسران والسفير في بيروت برنار ايمييه، بالتوازي مع التصعيد السياسي حول انتخابات المتن الشمالي. واجتمع كوشنير مجدداً صباح أمس الى الرئيس بري، بعد عشاء أول من أمس، وقال انه أحرز"تقدماً لكن هذا لا يعني ان كل شيء تمت تسويته". وعلمت"الحياة"ان التقدم الذي حصل أمس هو قبول"حزب الله"المشاركة في غداء اليوم على مستوى الصف الأول، على ان يتمثل بموفد عن السيد حسن نصر الله، بعدما كان الحزب تحفظ عن الفكرة، وان بري أجرى اتصالات بقيادة الحزب أفضت الى قبوله هذا اللقاء، فيما سمى بري النائب سمير عازار نائب رئيس كتلته النيابية الذي كان شارك الى جانبه في جلسات الحوار العام الماضي. لكن أقطاباً آخرين من المعارضة سيشاركون في اللقاء ? الغداء مثل العماد عون والنائب ميشال المر والنائب الياس سكاف، إضافة الى أقطاب الأكثرية الذين كانوا أكدوا موافقتهم على رفع مستوى الحوار للسفير كوسران مطلع الاسبوع وقد يتمثل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بأحد الوزراء إذا لم يحضر شخصياً. والتقى الجانب الفرنسي لاحقاً السنيورة الى مائدة الغداء في السرايا مع سائر الوزراء، وأبلغ بعض القيادات انه لمس ليونة من بري في حين ذكرت مصادر الأخير ل"الحياة"انه ناقش مع كوشنير في الاجتماع الموسع ثم في خلوة دامت نصف ساعة، العديد من الأفكار لاستئناف الحوار، وما طرحه الجانب الفرنسي عن وجوب ان يشمل سلة من العناوين السياسية. وأكدت مصادر بري انه اتفق مع كوشنير على استمرار التواصل وان الوقت الذي يضيق قبل جلسة انتخابات الرئاسة في 25 أيلول سبتمبر المقبل، يجب ان يكون عاملاً مشجعاً على التوصل الى حلول، مبدياً الاستعداد لحكومة وحدة وطنية شغلها الشاغل الإعداد لجلسة البرلمان في 25 ايلول لانتخاب الرئيس، ووقف التدهور الاقتصادي والأمني والاجتماعي في البلاد. وإذ كرر بري التمسك باتفاق الطائف، سأل السفير كوسران اذا كان سمع من الجانب الايراني اقتراحاً باعتماد المثالثة بين السنّة والمسيحيين والشيعة بدل المناصفة فنفى ذلك. وعلمت"الحياة"ان السلة التي تداولها الجانب الفرنسي مع بري، على ان تبحثها طاولة الحوار هي: تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بدل توسيع الحالية مع الاتفاق على الخطوط العريضة لبيانها الوزاري الجديد ? التوافق على اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تمهيداً للاتفاق على الرئيس العتيد ? الخطوط العريضة لقانون الانتخاب الجديد ? تنفيذ قرارات"باريس ?3"? عدم اللجوء الى السلاح في حل النزاع ? دعم الجيش اللبناني ? تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني في ما يتعلق بالوجود الفلسطيني والعلاقة مع سورية. وذكرت مصادر مطلعة ان بري كان مرناً في التعاطي مع أفكار السلة، وان البحث تطرق الى الضمانات التي يطالب بها كل فريق المعارضة التي تريد ضماناً بأن الأكثرية ستعمل لتشكيل حكومة الوحدة بعد أن تسلم هي للأكثرية بأن انتخابات الرئاسة ستحصل في موعدها، وان نصاب جلسة الانتخاب سيحصل، والأكثرية التي تطالب بضمانة بأن نصاب جلسة الانتخاب سيحصل وستشارك فيها المعارضة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد تجنباً للفراغ. وأفاد بعض المصادر ان من الأفكار التي طرحت ان تضمن فرنسا التنفيذ في حال جرى التوصل الى اتفاق على طاولة الحوار، وان تشمل الضمانة عدم استقالة وزراء المعارضة من الحكومة، على رغم ان بعض القيادات رأت ان الضمانات تصبح تلقائية اذا اتفق الفريقان على اسم رئيس الجمهورية وان هذا هو مفتاح أي ضمانة للفريقين. وكان كوشنير عقد خلوة مع السنيورة بعد جولة التفاوض الثانية مع بري. وسبق ذلك اجتماعه مع ممثلين عن المجتمع المدني في قصر الصنوبر، مقر السفير إيمييه، ضم هذه المرة اضافة الى الشخصيات الأربع التي شاركت في حوار سان كلو قبل اسبوعين على مستوى الصف الثاني شخصيات جديدة تمثل جمعيات ومؤسسات أهلية. وطلب كوشنير من صديقه رئيس مؤسسة"عامل"الاجتماعية والصحية الدكتور كامل مهنا وغيره توسيع عدد المنظمات الأهلية لرغبته في قيام ضغط أهلي وشعبي على الفرقاء كي يعودوا الى الحوار، ويتوصلوا الى اتفاق على حلول للأزمة السياسية. وركز هؤلاء في الاجتماع على ضرورة الضغط من أجل الحفاظ على السلم الأهلي، وعلى احترام الاستحقاقات الدستورية ومواصلة الحوار. وأعرب ممثلو المنظمات الأهلية عن قلقهم من المخاطر التي ستحيط بلبنان اذا لم يحصل توافق قبل انتخابات الرئاسة، وهو ما عبر عنه كوشنير عند خروجه من مقر بري قائلاً:"اذا فشل اللبنانيون ستكون هناك حرب". وفي وقت طرح بعض الأوساط أسئلة عما اذا كان المقصود بطرح فكرة تشكيل حكومة جديدة بدل توسيع الحالية برئاسة السنيورة، هو التمهيد لاستبعاد الأخير من رئاسة الحكومة لاحقاً من قبل المعارضة، أبلغ كوشنير من التقاهم امس انه مستعد للعودة الى بيروت ولتكرار حوار سان كلو على مستوى الصف الأول سواء في بيروت او في باريس، وهو سيجدد هذا الاستعداد اليوم. والتقى كوشنير بعد ظهر أمس كلاً من عون ثم رئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع، وتأجل موعد لرئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط معه لتضارب الأوقاب، والتقى السادسة مساء الوزير المستقيل محمد فنيش من"حزب الله"ومسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي اللذين مثلا الحزب في حوار سان كلو، ثم اجتمع في السابعة مساء الى جميع الذين شاركوا في لقاء سان كلو الأول من الصف الثاني، قبل ان ينتقل ليلاً الى دارة آل الحريري بدعوة من النائب سعد الحريري الى العشاء حيث التقى عدداً من أقطاب تحالف قوى 14 آذار. وفيما كانت هذه الاتصالات الماراثونية تجري طوال نهار أمس، وأظهر فيها كوشنير عناداً في سبيل التوصل الى نتائج يبنى عليها لاستئناف الحوار، كانت لغة التخاطب بسبب معركة المتن الانتخابية تصل الى مستوى غير مالوف، إذ قال عون عن الجميل:"يا شيخ أمين بالصدق لا أنت ولا كل شيء شايف حالك فيه تصل الى تحت زناري وعيب عليك"، رداً على اتهام الجميل له في مؤتمر صحافي عقده قبل الظهر ب"الغش"في حديثه عن ان هدف انتخابات المتن منع تهميش رئاسة الجمهورية، معتبراً ان كل هذه الادعاءات من عون غش ومزايدات ولعب بعقول الناس التي أصبحت واعية". وقال الجميل:"كيف يدعي العماد عون حرصه على موقع الرئاسة ويتهم الغير بتهميش الرئاسة فهل رأيتم صورة له مع رئيس الجمهورية؟". وأشار الى جهود البطريركية المارونية لتجنيب المتن المعركة الانتخابية، معتبراً عدم تجاوب عون تحدياً للبطريركية"ضمن ناحية ندعي الحرص على الوجود المسيحي وفي الوقت نفسه يتم التنصل من ارشادات بكركي وتمنياتها". وقال عون في رد ان"كل السلالات تبدأ بلحظة وتنتهي بلحظة"، في إشارة الى حق الجميل الأب في مقعد نجله المغدور بيار. ووصف كلام الجميل عنه بأنه"هذيان"، وأضاف:"مهما قال فإن احترام الناس لي لن يأتي من خلال كلماته... ومرات كثيرة الابن يستحق الإرث وابن لا يستحقه وهناك سياسيون كثر لم يستطيعوا إنجاب أبناء سياسيين فماذا نفعل؟".