طغى الانتخاب الفرعي في دائرة المتن الشمالي في جبل لبنان لملء المقعد الماروني الشاغر باستشهاد الوزير والنائب بيار أمين الجميل، على جولة الموفد الفرنسي جان كلود كوسران في يومها الثاني على رئيس الجمهورية السابق امين الجميل والنائب ميشال المر، في محاولة لرفع مستوى الحوار الذي كانت استضافته الحكومة الفرنسية للأطراف المتنازعة في لبنان، من قيادات الصف الثاني الى الصف الأول. وكذلك التقى كوسران أمس رئيس الهيئة التفيذية في"القوات اللبنانية"سمير جعجع ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط والوزيرة نائلة معوض والنائب بطرس حرب، اضافة الى عقده لقاء مع ممثلي"حزب الله"الوزير المستقيل محمد فنيش ومسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي، واختتم يومه بعشاء عند رئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري، على أن يلتقي اليوم رئيس المجلس النيابي نبيه بري العائد أمس من اليونان والذي أبرق الى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مهنئاً بتجديد الثقة الشعبية بحزبه، تحضيراً لزيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى بيروت والتي تستمر من مساء بعد غد الجمعة الى الأحد المقبل. وعلمت"الحياة"من مصادر نيابية ووزارية ان كوسران ركز في لقاءاته مع قيادات من الصف الأول وأخرى من الصف الثاني كانت شاركت في الورشة الحوارية التي عقدت أخيراً في ضاحية باريس، على موضوعين أساسيين: الأول امكان دفع الحوار اللبناني - اللبناني في اتجاه الدخول في صلب القضايا المختلف عليها، للتفاهم على صيغة تجمع بين مطالبة الموالاة بحسم الموقف من اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها وبين اصرار المعارضة على تشكيل حكومة وحدة وطنية كمدخل للبحث في ملف الاستحقاق الرئاسي. وفي هذا السياق، وبحسب المعلومات التي توافرت ل"الحياة"، فإن قادة في الأكثرية اقترحوا على كوسران إدراج انتخابات الرئاسة وحكومة الوحدة الوطنية في سلة واحدة وأن يكون هناك تلازم بينهما، فيما ركز أحد قادة المعارضة على مبدأ الاقرار بالحكومة أولاً كمعبر وحيد الى رئاسة الجمهورية. والثاني يتعلق برغبة فرنسية في رفع مستوى الحوار عبر جمع القيادات من الصف الأول في لقاء يتفق على تفاصيله ليأتي تتويجاً لزيارة كوشنير الى بيروت. وتردد أن كوسران ناقش مع القيادات صيغاً عدة، وهذا الموضوع بالذات سيطرحه على بري لاستمزاج رأيه في شأن استئناف الحوار، شرط أن يحضر له، خصوصاً أن كوشنير على استعداد لحضور أولى جلساته خلال وجوده في العاصمة اللبنانية، علماً أن كوشنير سيعقد لقاءات ثنائية مع القيادات من الصف الأول وسيتمنى عليها الاستجابة لرغبته في رفع مستوى المشاركة في الحوار. استهل الموفد الفرنسي جان كلود كوسران أمس جولته على المسؤولين اللبنانيين، بلقاء النائب ميشال المر، معلناً أنه أخذ"بعض الاشارات من المر لأفضل السبل للتحضير لمباحثات كوشنير"، مؤكداً أنه تبادل"بعض الأفكار مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في القاهرة، وكان اللقاء جيداً ومفيداً". أما المر، فأكد أن هناك تنسيقاً بين مبادرة موسى والمبادرة الفرنسية، معتبراً أنهما"يكملان بعضهما بعضاً"، لافتاً إلى أنه"عندما يصل وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان ستكون هناك نقاط مشتركة بين المبادرتين وستبحث هذه النقاط خلال جولة كوشنير على القيادات". وعما إذا سيزور عمرو موسى لبنان خلال وجود كوشنير فيه، أجاب المر انه لا يظن عودة موسى ممكنة قبل موعد الانتخابات الفرعية في 5 آب اغسطس المقبل. وعن الانتخابات الفرعية ووجود أبواب مفتوحة للتسوية، جدد المر القول ان تحالفه مع العماد ميشال عون وحزب الطاشناق ثابت، وأن باب الوصول الى تسوية مع الرئيس امين الجميل لم يقفل نهائياً. ونفى أن تكون مواقف الرئيس الجميل التصعيدية"هي سبب الخلاف"، معتبراً أن"تحميل المسيحيين دم الشهيد بيار الجميل غير مقبول، وكل من يشترك في العملية الانتخابية هو شريك في الجريمة هذا خطأ، لكنني على رغم ذلك لن أدخل في السجالات، وأطالب وأتمنى وقف السجالات الإعلامية لتسهيل مساعي الصلح". وعما إذا سيتوج المسعى الفرنسي بلقاء حواري يجمع قيادات الصف الأول، أجاب:"الرئيس بري هو المولج بالدعوة إلى الحوار وهو صاحب الفكرة الأولى بطاولة الحوار وسيبقى، وأتمنى ممن سيبحث في اجتماع كهذا أخذ رأي الرئيس بري لأنه أب للحوار وهو بدأه وينهيه"، معتبراً أن"مؤتمر سان كلو كان مساعداً إذ انه رطب الأجواء". وقال:"الرئيس بري يكون مع فريقه بالمواقف السياسية، ولكن كرئيس لطاولة الحوار كان يدير الحوار بكل تجرد واتخذنا قرارات لا بأس بها، وإذا كانت لم تنفذ فهذا من مسؤولية الحكومة". وتوجه كوسران الى بكفيا، حيث التقى الرئيس أمين الجميل. وأكد كوسران أن سر نجاح الحوار"هو في أيدي الأطراف السياسيين اللبنانيين". ومن جهته، اعتبر الجميل أن"الاستحقاق الأهم هو استحقاق الرئاسة وإذا كنا نريد مصلحة لبنان والمسيحيين فمن الضروري أن تتم هذه الانتخابات بحسب المواعيد الدستورية"، معتبراً أن"ما يدعونا إلى القلق هو أن تكون الحكومة التي تطالب بها المعارضة، تشكل على قياس المعارضة وتكون البديل من انتخابات رئاسة الجمهورية"، محذراً من"المنحى الذي أشار إليه نائب"حزب الله"محمد رعد، وهو موقف المعارضة الذي يرمي إلى اعتبار موضوع الرئاسة مؤجلاً، فهذا موضوع خطير. فإذا أردنا إنقاذ البلد علينا استعادة دور المسيحيين والبدء بالاستحقاق". وعن اعتبار عون الفريق المسيحي في 14 آذار حاجباً لمن يهمش المسيحيين، وقوله كفى متاجرة بدماء الشهداء، أجاب:"هذا مؤلم ولا أريد تحريك السكين في الجرح، آسف أن يكون العماد عون يقوم بتحريك السكين في الجرح، وليسامحه الله. وآسف أن أقول إن العماد عون هاوٍ لحروب الإلغاء ولهذا النوع من المغامرات على الساحة المسيحية، ونعرف تماماً كم دفعنا غالياً ثمن حرب الإلغاء، واليوم كأن هناك حرباً جديدة لا نعرف مغزاها". وأضاف:"عون لا يريد أن تبقى هناك أي عائلة سياسية، ولا يريد أن يبقى حجر على حجر في المناطق المسيحية مثلما حصل في الماضي في حروب الإلغاء. أعتقد أنه آن الأوان للتفكير بضمير، يدنا ممدودة بتمن من البطريرك مرجعيتنا، يدنا ممدودة وقلبنا مفتوح ومستعدون للحوار ولكل حل يعزز الوفاق المسيحي وصولاً إلى وفاق، وآمل أن تكون هذه الانتخابات الفرعية مدخلاً للوفاق، هذه المعركة فرضت علينا وكنت فضلت ألف مرة أن يبقى معنا بيار، إنما المعركة موجودة وسنخوض هذا الاستحقاق بإيمان، وأنا متأكد من النصر". ثم زار كوسران رئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"سمير جعجع، وغادر من دون الإدلاء بتصريح. وقال جعجع انه جرى"استعراض لامكان إحراز تقدم ما في مكان ما"، معتبراً أن"هذا الأمر ليس سهلاً، ويجب الاستمرار في السعي". ولفت إلى"وجود فرق كبير في وجهات النظر يصعّب الوصول الي حلول معينة"، نافياً ان يكون كوسران"يحمل معه حلولاً"، مؤكداً أن"لقاء سان كلو كان مشجعاً بالنسبة اليهم". وتمنى على"الجميع أن يبقوا في موضوع الانتخابات الفرعية ضمن حدود الأدبيات السياسية، لأن الخروج عنها ليس لمصلحة أحد"، مجدداً دعوته لتجنيب لبنان والمتن هذه المعركة، مؤكداً أن"من يهمش المسيحيين هي السلطة التي كانت موجودة سابقاً وسورية وحلفاؤها"، ومشيراً إلى أن"الحكومة الحالية تقف سداً منيعاً في وجه عودة سورية إلى لبنان". ودعا إلى التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية، معتبراً أن الرئيس الحالي اميل لحود يهمش دور المسيحيين. وزار كوسران وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض في حضور النواب بطرس حرب وسمير فرنجية وجواد بولس والياس عطا الله. وبعد اللقاء، أكد كوسران أن"زيارة كوشنير لبنان لتعميق النقاط الإيجابية التي نتجت من لقاء سان كلو". وقال حرب إن"أهم نتيجة حصدها الاجتماع سان كلو ان اللبنانيين تمكنوا بفضل المبادرة الفرنسية من إعادة إطلاق الحوار في ما بينهم"، متمنياً أن"تتكلل مهمة السفير كوسران بالنجاح، وان نصل الى مرحلة يمكن ان نقطف فيها ثمار المبادرات الأخوية من الدول التي يهمها أمر لبنان". نوه رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي بپ"الجهود التي بذلها السفير الفرنسي لدى لبنان برنار ايمييه خلال وجوده في لبنان لتوطيد العلاقات بين لبنانوفرنسا على الصعد كلها". وأشاد ميقاتي خلال استقباله ايمييه في زيارة وداعية في مناسبة قرب انتهاء مهماته في لبنان أمس، بپ"وقوف فرنسا المستمر الى جانب لبنان ودعمها له".