انتهت الامتحانات وتنفس محسن ابراهيم، الذي يناهز العشرين الصعداء بعدما أكمل دراسته الثانوية في اعدادية الصناعة، وبدأ الاستعداد لمرحلة جديدة من حياته مع دخوله الجامعة. عاد محسن الى العمل في احد محال تجارة المولدات الكهربائية وتصليحها مع قريب له اعتاد العمل معه اثناء العطلة الصيفية، لتوفير بعض الأموال اللازمة للدراسة في السنة المقبلة. يقول ابراهيم ان كلفة الجامعة للعام المقبل ستكون باهظة على رغم مجانية التعليم في البلاد، وان هذه العطلة تتطلب منه جهوداً اكبر لجمع المال، لذا يلجأ الى طريقة أخرى لكسب الرزق وهي تعليم المراهقين والفتيان الصغار رياضة السباحة فيتقاضى اجراً معقولاً ويمارس هوايته في الوقت نفسه. وحال محمد لا تختلف كثيراً عن أحوال الطلبة العراقيين في المراحل الثانوية والجامعية إذ ترتبط غالبيتهم بأعمال ومهن رائجة في البلاد لتوفير مصاريفهم الشخصية خلال موسم الدراسة. ويقول حسين 23 سنة، وهو طالب في معهد المعلمين انه انضم الى اصدقائه في العمل في أحد معامل الحلويات قريب من منزله وهو المكان ذاته الذي اعتاد العمل فيه اثناء العطلة الصيفية. ولا يشعر حسين بالخجل من نظرات اصدقائه ومعارفه عند الحديث عن طبيعة عمله لانه يوفر له دخلاً معقولاً ويمنحه شعوراً بالارتياح نتيجة اعتماده على نفسه وعدم إثقال كاهل عائلته بمصاريفه الشخصية. أما حيدر 27 سنة وهو طالب ماجستير في كلية الآداب فلا يتوقع الحصول على فرصة عمل مناسبة بسبب اغلاق المطعم الذي يعمل فيه نادلاً في حي المنصور فضلاً عن تأجيل امتحاناته الى منتصف تموز يوليو واستمرارها قرابة شهر. ويقول حيدر ان الظروف الحالية لا تسمح له بالعمل هذه السنة لانه قرر السفر الى سورية للاستجمام وقضاء بعض الوقت والعودة الى العراق مرة اخرى لمواصلة دراسته. ويلجأ معظم طلبة الجامعات والمعاهد في العراق الى مكاتب تشغيل الطلاب التي تشرف عليها الاتحادات الطالبية وتوفر عقوداً وفرص عمل للطلاب في دوائر الدولة الرسمية بطريقة المعايشة الوقتية. ويؤكد محمد الجوراني، رئيس اتحاد الطلاب في كلية الآداب في الجامعة المستنصرية ان فرص العمل التي توفرها الوزارات العراقية تكاد لا تكفي لسد حاجات الطلاب اذ لا تزيد أجورها على 100 دولار شهرياً، وهو السبب الرئيس الذي يدفع الطلبة الى اللجوء الى المهن ذات المردود المضمون. ويقول ان الطلبة يبدأون تقديم استمارات طلب العمل قبل شهر واحد من الامتحانات ويتم توزيعهم على بعض الوزارات التي تتعاون في توفير فرص العمل بعد انتهاء امتحاناتهم في نهاية شهر تموز من كل سنة. لكن المشكلة تكمن في ان هذا الفرص تقتصر على الشباب دون الفتيات ويرجع السبب في ذلك الى قلة عدد الفتيات الراغبات في العمل اثناء العطلة الصيفية قياساً الى الشباب فضلاً عن الوضع الامني في البلاد الذي يمثل عائقاً رئيسياً يدفع الاهل الى رفض انخراط بناتهم في العمل. وتعترف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بمحدودية التعاون من بعض وزارات الدولة في توظيف الطلاب في العطلة الرسمية ويقول باسل الخطيب، مدير الدائرة الاعلامية في الوزارة ان الوزارة يقتصر اهتمامها على الطلبة الاوائل فقط فتقيم لهم نشاطات ادبية وثقافية ومخيمات كشفية ومسابقات علمية بمردود مادي مقبول، اما الباقون فانهم يعتمدون على انفسهم في الحصول على فرص العمل وادارة شؤونهم. ويمارس معظم الطلاب العراقيين مهناً دارجة أثناء الدراسة مثل الحلاقة والكهرباء والنجارة وغيرها، وتبرز معوقات كثيرة أمام بعضهم في الحصول على فرص العمل واقامة المخيمات الكشفية أهمها الوضع الأمني وانعدام فرص العمل في الكثير من المناطق الساخنة، ما دفع الكثيرين الى الاتجاه نحو السفر للترفيه والاستجمام من عام دراسي صعب تخللته مشكلات أمنية ومواجهات مسلحة تسببت في إيقاف الدراسة لأكثر من مرة ولأيام عدة.