إرباك كبير ذلك الذي سببه قرار تقديم العطلة الربيعية على الامتحانات في العراق للعائلات العراقية التي تستثمر العطلة في كل عام للسفر خارج البلاد للترفيه. فالقرار الذي أُعلن بشكل مفاجئ، من قبل وزارة التربية، جاء استجابة لمطالب بعض رجال الدين الذين ناشدوا المسؤولين من منابرهم تأجيل الامتحانات الفصلية وامتحانات نصف السنة في المدارس والجامعات ليتمكن الطلبة من الاشتراك في مراسم الأربعينية التي تقام في كربلاء في كل عام. ويبدو أن وزارة التربية أرادت التخلّص من أي ضغوط أو حملات اتهامات من قبل بعض المتشددين من رجال الدين الشيعة الذين أعلنوا عن تلك المطالب مراراً في منابر صلاة الجمعة وأثناء المحاضرات الدينية المنقولة عبر شاشات الفضائيات المتخصصة، فلجأت إلى تعميم القرار على المديريات العامة للتربية واعتبرته قطعياً. وطلبت وزارة التعليم من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات التعطيل ابتداءً من منتصف كانون الثاني (يناير) الجاري على أن يكون موعد الدوام الرسمي في الأول من شباط (فبراير) المقبل، لكنّها في الوقت ذاته منحت الجامعات وعمداء الكليات حق التصرف في تقديم الامتحانات أو تأخيرها، الأمر الذي دفع كثيرين من عمداء الكليات العلمية إلى استثمار الأيام المتبقية لإجراء الامتحانات العملية قبل العطلة الربيعية، وإرجاء الامتحانات في المواد النظرية إلى ما بعد العطلة. أما العائلات العراقية التي اعتادت استثمار العطلة الربيعية للسفر خارج البلاد أو إنهاء بعض الأعمال المطلوبة فوقعت في إرباك شديد، فالأولاد سيكونون في المنزل في وقت مبكر هذا العام، وشركات السياحة لم تحسب حسابها في وضع برامج سفر ملائمة اعتقاداً منها بأن العطلة ستكون كما هي في كل عام. ويقع التأثير الأول لتقديم العطلة على التلامذة أنفسهم، إذ إن بعضهم سيؤدي جزءاً من امتحاناته أو معظمها قبل العطلة، وسيتفرغ بعدها لاستخدام جهاز التلفاز وبرامج التسلية، في الوقت الذي لم ينه فيه باقي أشقائه التزاماتهم، وهذا ما سيؤول إلى مشكلات لاحقة بينهم، ويتسبب في ضغوط نفسية كبيرة للوالدين لضبط الأوضاع في المنزل. وتبقى المشكلة الأكثر تعقيداً في كيفية إقناع الأولاد بتأجيل السياحة في العطلة الربيعية إلى موسم الصيف، فمن الصعب إقناع الصغار بهذا القرار المفاجئ من دون مقابل، وسيتوجب على الأهل أن يرضخوا لتنفيذ أي مطلب تفاوضي يطلبه هؤلاء. والطلاب الأكبر سنّاً، الذين من المفترض أن يكونوا اكثر تفهماً للأوضاع لن يصمتوا من دون المساومة للحصول على بعض الوعود بامتيازات إضافية مؤجلة إلى العطلة الصيفية التي ستكون فيها العائلة أكثر استعداداً لتقبل مفاجآت تقديم أو تأخير العطلة. والإرباك الحاصل بتقديم العطلة الربيعية ينسحب ليشمل الأوضاع الاقتصادية للعائلات، وبخاصة تلك التي تدخل في «جمعيات للتسليف»، إذ أن أي مواعيد مبرمجة لصرف الأموال، بات يتضارب مع المواعيد المستجدّة. وفي ظلّ كل التحفظات عن القرار، لم تستطع وزارتا التربية والتعليم تبرير قرارهما المفاجئ إلاّ بوصفه «إنصافاً للطلبة ولذويهم ليتمكنوا من ممارسة شعائرهم والسير إلى مدينة كربلاء لإحياء موسم أربعينية الإمام الحسين، والتي سيتخلّلها يومان من العطلة في بغداد، وأربعة أيام في كربلاء وستكون جزءاً من العطلة الربيعية للطلاب».